حين خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وبث فيه من روحه وألمّ بما جبلت عليه النفس البشرية من خير وشر ومن امتنان وعرفان و إنكار وجحود ومن كفر وإيمان ومن حسد وغيرة وغبطة وحب للتكاثر والتفاخر .
فهذبها بالإيمان بالله و بما جاء به رسله سلام الله عليهم أجمعين وبالتحلي بالخلق الرفيع وجعل صاحب الخلق العظيم بمرتبة الصائم القائم .
عَنْ عَائِشَةَ رضِي اللهُ عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ يَقُولُ:"إنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ"
ووجه الإسلام بحسن الخلق كمعيار للمؤمن الحق وعلمنا الشكر على العطاء والصبر على البلاء والاحتساب للأجر واكتساب الحسنات بتمني الخير للآخرين و قضاء حوائج الناس، وإدخال السرور الى قلب مسلم ، وإماطة الأذى عن الطريق .
فمابالنا ونحن نحسب أنا مسلمون مؤمنون بالله نتقاتل فيما بيننا على أمور الدنيا الدنية؟!
وما بالنا ونحن نحسب أنا محبون للحبيب صلى الله عليه وسلم ... نتغنى بحبه ونتلوا المدائح الطوال والشوق للقائه ونتباهى بالانتماء لدينه ونحث الخطا للمساجد ونصوم رمضان ونحج البيت الحرام ونجد بيننا -الا من رحم الله- حاقد أو حاسد أو مغتاب أو نمام أو غشاش بل وفاسد ومراءٍ ومفاخر ومتاجر بعرض أخيه أو مال أخيه فيأكل ماله بالباطل ، ونجد قاطع رحم وخائن أمانة وهاجر أخ أو أخت أو صديق .
ليكون أبعد ما يكون عن خلق دعا إليه صلوات الله وسلامه عليه .
جاء في الحديث الشريف : "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" . رواه البخاري ومسلم .
و نجدهم يسارعون للتهنئة بمواسم الطاعات والجمع والأعياد وتتحول صور حساباتهم في وسائل التواصل إلى أدعية مأثورة وآيات بينات من ذكر الله ، بينما هم يبيتون ليلهم وهناك من يدعو عليهم لظلم وقع منهم او بهتان أو غيبة .
وهناك من تعجب لحسد في قلبه ، وغيرة من نجاح يحققه غيره ، وتكبر على الخلطاء واستكبار على الضعفاء ، واستهتار بمصالح المستفيدين من خدماتهم ، وتضييع لأماناتهم .
كيف يستقيم حال أمة تعيش نزاعا وانفصاما بين ما تؤمن به وما تترجمه جوارحهم من سلوكيات ؟؟
وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله في استنكاره لما يحدث من أمر بعض المؤمنين و المحبين :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه
إن المحب لمن يحب مطيـع
في كل يوم يبتديك بنعمــة
منه وأنت لشكر ذلك مضيع
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. أخرجه الترمذي وابن ماجه
ومضة:
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى وان تجعلنا من الراشدين .