غازي بن أحمد الفقيه
رواية براري الحمى لإبراهيم نصرالله (فلسطيني الأصل أردني الهوية)_ معلم عمل بإحدى مدارس محافظة القنفدة بالعرضية الجنوبية بالسعودية(76_ 1977) كتب روايته سيئة السمعة(من وجهة نظرغير عاطفية) ونشرها (1985) وصنفتها صحيفة الجارديان البريطانية بأنها من أهم عشر روايات عربية.(بربغندا مدفوعة الثمن)..!!!!
لم يتيسرلي الاطلاع عليها في طبعتها الأولى ولكنها تسللت بطبعتها الثانية (1992) خلسة في معرض جدة الدولي للكتاب(2004)وأدركت بعد الاطلاع عليها حكمة الرقيب لدينا في عدم السماح لها بدخول البلاد لما أحتوته بين دفتيها من هلوسات قميئة يتأفف منها كل عاقل ناهيك أن يتبناها كاتب عربي مسلم.! ولم أفاجأ بأسلوبها الحداثي الموغل في الغموض في بعض مقاطعها، لكن صدمتي فيها كانت كبيرة وفجيعتي أكبربعد معرفتي اسم كاتبها الذي حدقت في اسمه فقلت لعله اسما مستعارا” أو مستشرق غامر بحياته قبل أربعين عاما” ليكتشف عوالم ذلك الجزء الغالي من منطقة مكة المكرمة(القنفدة/ العرضية الجنوبية) لكن من اسمه وملامحه تأكد لي أنه المعلم المتعاقد(إبراهيم نصرالله)خريج معهد المعلمين التابع لوكالة غوث اللاجئين بمخيم الوحدات بالعاصمة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية..!!! والذي خدم معلما”عامين دراسيين فقط في إحدى قرى العرضية الجنوبية وبعد عودته لبلاده هذى في هذه الرواية بخيالات واختلق أحداثا” هلامية وعرضها بعبارات متبرجة وشاذة لغويا” قذف بها محصنين ومحصنات في مجتمع الرواية ووزع اللعنات وبئيس التصرفات بحق المكان والزمان متعللا”(بالحمى) على الرغم من انتمائه للميدان التربوي..!!
لقد قفزت إلى ذاكرتي بعد جريرة نصرالله هذه.حادثة رفقتي مصادفة لشابين من جنسية نصرالله عام 1394 /1974 في سفرتي الأولى سياحة لبلاد الشام(سوريا ولبنان) عقب انتصارالعرب الأول على الكيان الصهيوني في حرب رمضان(اكتوبر 1973) ففي الطريق من دمشق إلى بيروت استمعت قرابة الساعتين إلى حوار الشابين أحدهما يستعلم من صديقه عن تجربته بالعمل معلما” في السعودية ممنيا” نفسه بسماع مايشجعه على خوض التجربة ذاتها كصديقه.! لاسيما والسعودية آنذاك فتحت ذراعيها لكل أبناء الشعب الفلسطيني القادر على ممارسة التعليم.! لكن خيبته بلغت أوجها إذ سمع من صديقه المعلم العائدلقضاء إجازته وصفا”لمكان عمله(القنفدة/ مخشوش) التي عمل بمدرستها بأقذع الأوصاف ووصف ناسها بأنهم قرودا” يعيشون بمعية الأفاعي والعقارب.! ولسوء حظه أنني من المكان الذي سدد له سهام سوءه وكنت مصيخ السمع على مضض، وقبل وصولنا إلى جمرك(المصنع) الحدودي باتجاه بيروت. استأذنت الشابين مشاركتهما الحديث وفوجئا برغبتي ولم يمانعا، وكنت آنذاك في مثل سنهما والبس مثل ملابسهما واتحدث لهجتهما فلم يستغربا وظناني من جنسيتهما.!فبادرت المعلم العائد قائلا”: أتراتي قردا”.؟ ففغر فاه وجحظت عيناه.!قال صاحبه: كلا..قلت له: وهل كنت تعمل في (منطقة القنفدة/ كانت تسمى بذلك)؟ قال: مندهشا” نعم.! قلت ولعلك تدرس بمدرسة مخشوش الابتدائية.؟ قال:نعم.! وقلت لاشك أنك حظيت بوفادة شيخ قبيلة كنانة وأكرمك أهل مخشوش الطيبين.؟؟ هز رأسه بالموافقة وتلعثم وكسا وجهه الانكسار.! قلت لهما: ياصاحبي..أنا من (القوز) التي من المؤكد أنك تعرفها مخاطبا” المعلم العائد والتي تمر بها ذهابا” إلى القنفدة وجيئة منها إلى مخشوش.فتصبب العرق من جبهته على الرغم من لطافة الجو وأغمض عينيه ووضع رأسه بين كفيه وصمت صمت(أبو الهول) ولم يوقظه من (وكسته)إلا وصولنا بيروت فودعتهما ولا زالت عينا صاحبه جاحظتين من هول ماسمعه.!!
إذا فلا غرابة أن يتقيأ نصرالله روايته هذه..! وقدر القنفدة بمراكزها ومدنها وقراها أن تبقى كما هي أما” رؤوما” كرام أهلها بسطاء أنقياء ويفخرون بمن علم أبناءها بإخلاص وحافظ على قيمها وتقاليدها ومثلما استقبلت القنفدة من عقها وأساء لها فقد وجدت من قدرها وأحبها وفضلها على بلده الأصلي ولعل من الجدير ذكره أن مدارس القنفدة عمل بها فلسطينيون أفذاذا” يأتي في مقدمتهم خليل الوزير(أبو جهاد) ورفيق دربه صلاح خلف(أبو إياد) مؤسسي منظمة التحريرالفلسطينية بقيادة ياسر عرفات(أبوعمار) ويأتي في معية هؤلاء أستاذي بالصفين الخامس والسادس ابتدائي الأستاذ الدكتور: جاسرأبو صفية أستاذ الأدب بالجامعة الأردنية.! ترى هل يقف المدعو إبرهيم نصرالله بين هؤلاء..؟!!! وللنقد بقية….