د. ربيع حسين
القراء الأعزاء ، أقبل شهر رمضان برياحين الإيمان ونسمات الإحسان ، كل عام أنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم ، ومن مظاهر الخير والبركة في رمضان ، أن يجتهد المسلمون في التقرب إلى الله تعالى بفعل الخيرات واجتناب السيئات “يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر” .
فتجد من يجتهد في الصلوات والأذكار وأداء العمرة ، وختم قراءة القرآن عدة مرات خلال شهر رمضان ، وغير ذلك من أشكال الطاعات وفعل الخيرات ، وكل ذلك محمودٌ ممدوحٌ ، تقبل الله منا ومنكم .
ولكن ما أريد أن الفت إليه انتباهكم ، هو .. ما هى القيمة المضافة التي سوف تخرج بها من شهر رمضان ؟ ما الذي تنوي أن تضيفه إلى أفكارك وسلوكياتك وأخلاقك ومعاملاتك ؟ ما الذي تنوي أن تغيره في حياتك إلى الأفضل ؟
كيف تجعل من رمضان شهرًا يضيف إليك ؟ بدلًا من أن تشعر أنه عبء عليك !! ، وكيف تجعل من نفسك قيمة مضافة في حياة من حولك ؟ بدلًا من أن تكون عبئًا عليهم !!
القراء الأعزاء ، من المعلوم أن التشريع الإسلامي ينقسم إلى أربعة أقسام رئيسية هى : العقائد ، العبادات ، المعاملات ، والأخلاق .
العقائد : تعني توحيد الله تعالى ، الخالص من كل أشكال الشرك الظاهرة والباطنة ، وفهم عقيدة الولاء والبراء ، فالعقيدة الصحيحة هى أول ركن من أركان الإسلام .
العبادات : تعني كل ما تَعَبّدَنا الله تعالى به ، بدليلٍ صحيح ، ولا يجوز صرف شيء من تلك العبادات لغير الله تعالى ، فلا معبود بحق إلا الله .
المعاملات : تعني العقود والعهود والمواثيق والاتفاقيات التي نعقدها مع الآخرين ، شفهية أو مكتوبة ، والتي يجب أن تكون مشروعة وأن نفي بها حق الوفاء .
الأخلاق : تعني طريقة تعاملنا مع الآخرين ، الآداب والمهارات والأساليب التي نتعامل بها مع الآخرين ونوصل لهم من خلالها أفكارنا ومشاعرنا .
عزيزي القارىء ، تَفَحّص تلك الجوانب الأربعة في إسلامك ، فتّشْ في جوانب إسلامك ، لعل جانبًا قد أخذ انتباهك على حساب جانب آخر .
لعلك مُرتاح إلى جانب العبادات لديك فأنت تكثر من الصلاة والصيام والأذكار ، ولكن من حولك غير مرتاحين إلى تعاملاتك معهم ، فأنت لا تعطي الناس حقوقهم ، وتظلم هذا وتأكل مال هذا ،
لعلك مُرتاح إلى جانب الأخلاق لديك ، فأنت شخص لطيف خفيف الظل مرحٌ بشوش ناعم الكلمات ، ولكن جانب العبادات لديك فيه تقصير كبير ويحتاج إلى وقفة مع النفس .
كثير من المسلمين لا ينتبهون إلى ضرورة التوازن بين تلك الأقسام الأربعة وبالتالي يدخلون شهر رمضان ويخرجون منه دون قيمة مضافة في جوانب حياتهم .
وهنا أكرر السؤال مرة أخرى .. ما هى القيمة المضافة التي سوف تخرج بها من شهر رمضان ؟
لذلك أرجو منك عزيزي القارىء أن تقوم بتمرين عملي للإستفادة من شهر رمضان “تمرين القيمة المضافة” .
حدد قيمتين تود أن تضيفهما لحياتك في كل قسم من تلك الأقسام الأربعة ، وأن تعتبر شهر رمضان منطلقًا لذلك التغيير في حياتك .
مثلا .. في قسم العقائد : سوف أتعلم أقسام التوحيد ، وسوف أتخلص من التلفظ بأية كلمة تخالف العقيدة الصحيحة .
مثلًا .. في قسم العبادات : سوف أدرس فقه الصلاة ، وسوف أدرس فقه العبادات بشكل مبسطٍ يسير .. ولو بالتدريج .
مثلًا .. في قسم المعاملات : سوف أفي بالعهود والشروط ، ولا ألوي زمام المواقف كي أأكل حقوق الناس بالباطل .
مثلًا .. في قسم الأخلاق : سوف أضيف إلى حياتي خلقين جديدين ، الحلم (ضد العصبية وسرعة الانفعال) والتسامح (ضد تبييت الضغائن والرغبة في الانتقام) .
وفي الختام ، عزيزي القارىء ، شهر رمضان ليس مجرد ظرفٍ زماني نجتهد فيه “ثم تعود ريما لعادتها القديمة” بعد أن ينقضي ، بل يجب أن يضيف إلى حياتنا قيمة مضافة … بس كدا … حياكم الله .
ملحوظة : الكلمات العامية ، أسوقها من قبيل المرح والفكاهة والتوضيح ، ولا أراعي فيها قواعد العربية الفصحى .
التعليقات 1
1 ping
أمة الله
10/05/2019 في 1:39 ص[3] رابط التعليق
جزاكم الله خيرًا.
أمر مهم فعلًا، القيمة المضافة!
ربنا يجعلنا جميعًا مباركين أينما كنا. ويرزقنا دومًا التغيير للأفضل.
ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ويجعل لنا أثر فيمن حولنا في حياتنا وبعد مماتنا.
ويرزقنا جميعًا العتق من النيران قبل انقضاء الشهر.