يُعتبَر النوم من العمليّات المُعقَّدة والمهمَّة في ترميم وتجديد الجسم، كما يُعَدُّ أمراً ضروريّاً لبعض العمليّات الفسيولوجيّة، كتنظيم ومعالجة الخبرات، ودمج الذكريّات، وتظهر أهمِّية النوم من خلال الآثار السلبيّة التي يُعاني منها المرضى، كالمشاكل الجسديّة والنفسيّة الناجمة عن حدوث خللٍ في عمليّة النوم، وفي الحقيقة يتأثَّر النوم من خلال تغيُّرات الجسم اليوميّة، كتغيُّرات الجسم الجسديّة، والعقليّة التي تحصل خلال 24 ساعة، ويتمّ تنظيم هذه التغيُّرات من خلال الأعصاب التي تستجيب للضوء، والهرمونات، والحرارة، وتُعَدُّ هذه العناصر أيضاً من مُكوِّنات الساعة البيولوجيّة، والتي من شأنها تنظيم مراحل النوم والاستيقاظ بشكلٍ طبيعي، وتُعرَّف اضطرابات النوم على أنَّها حدوث اضطراب في نوعيّة النوم، أو موعده، أو المُدَّة الزمنيّة المستغرقة فيه، ممَّا ينجم عن ذلك معاناة المريض من مشاكل في آداء الأعمال والمهام المُوكَّلة إليه خلال النهار، ويُقدَّر عدد المُصابين باضطرابات النوم في وحدة العناية الصحِّية الأوَّلية بما نسبته 10-20% من المرضى، ومن الجدير بالذكر أنَّ اضطرابات النوم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكلٍّ من المشاكل الجسديّة والنفسيّة، فقد تكون اضطرابات النوم كأحد أعراض الأمراض النفسيّة، وقد تُعَدُّ أحد أسباب الإصابة ببعض الحالات النفسيّة، أو التسبُّب في زيادة حِدَّتها أو يرجع السبب إلى أسباب صحية.
يعتقد البعض أنّ اضطرابات النوم دائماً ما تسببها المشكلات النفسية، إلّا أنّ العلم الحديث أثبت أنّ هناك الكثير من الاضطرابات التي تعود أسبابها للعوامل العضوية كالشخير أو الإصابة بالحساسية أو النقص المزمن في الحديد أو الإصابة بأمراض القلب، وتتسبب اضطرابات النوم في التأثير سلباً في سير حياة المصاب وعلى وظائفه الحيوية مما يستدعي إعطائها جانباً من الأهمية والبحث حولها.
تختلف أسباب اضطرابات النوم باختلاف نوع اضطراب النوم، وفي بعض الأحيان يُعَدُّ سبب الإصابة بهذه الاضطرابات أمراً مجهولاً، ويُمكن إجمال الأسباب العامَّة لهذه الاضطرابات كما يأتي:
١-الإصابة بإحدى الحالات الطبِّية، كأمراض القلب، أو الرئتين، أو الأعصاب. الأمراض العقليّة، كالاكتئاب.
٢- بعض الخيارات الدوائيّة المُستخدَمة.
٣- العوامل الوراثيّة.
٤- عوامل أخرى، والتي تتضمن؛ تناول الكافيين، وشرب الكحول، والعمل بنظام الدوريّات، والتقدُّم بالعُمر.
ومن أشهر أنواع إضطرابات النوم هي:
١- الأرق: يُعرَّف الأرق على أنَّه مواجهة صعوبة في الخلود إلى النوم، أو الاستمرار في النوم، فمن أعراض الأرق: الاستيقاظ مُبكِّراً جدّاً، والاستيقاظ خلال الليل، ومواجهة صعوبة في الرجوع إلى النوم، والشعور بالتعب عند الاستيقاظ.
٢- فرط النوم: يُمكن تعريف داء فرط النوم على أنَّه الاستغراق في النوم لمُدَّة زمنيّة طويلة، أو النوم المفرط خلال النهار، حيث يُعاني المريض من مشكلة في البقاء مستيقظاً خلال آداء عمله، أو حتى أثناء القيادة، كما يُعاني المريض من آثار وأعراض أخرى لهذه المشكلة، كمواجهة صعوبة في التفكير، والتركيز، والشعور بنقصٍ في طاقة الجسم.
ومن أهم العلاجات السلوكية لاضطرابات النوم
١- ممارسة تمارين الراحة، والتي تتضمن استرخاء العضلات التدريجي، وتقنيات التنفُّس العميق، والتنويم الإيحائي الذاتي.
٢- (العلاج المعرفي) والذي يهدف إلى تعديل أفكار المريض الخاطئة، والتي قد تُؤدِّي إلى معاناته من الأرق.
٣- النوم الصحِّي، ويُشير النوم الصحِّي إلى مجموعة السلوكيّات، والعادات، والظروف البيئيّة الواجب مراعاتها عند النوم، والتي تتضمن خمس عوامل رئيسيّة يُمكن تفصيلها كما يأتي:
* التواتر اليومي، والذي يُؤثِّر في موعد النوم، وعدد ساعاته، ونوعيّته، وعادة ما يتأثَّر هذا العامل بالتمارين الرياضيّة، وموعد النوم، والقيلولة، والتعرُّض للضوء.
*التقدُّم في العُمر، فمن الطبيعي تغيُّر نمط النوم بعد تجاوز سنِّ 40، حيث قد تبدأ المعاناة من الاستيقاظ بشكل مُتكرِّر أثناء الليل، ممَّا يُؤثِّر في نوعيّة النوم، والتفاعل مع الحالات الصحِّية الأخرى التي يُعاني منها المريض، والتي قد تكون بدورها أحد أسباب الاستقياظ ليلاً.
*المُؤثِّرات النفسيّة، كالامتحانات، والأعمال، والواجبات التي قد تُؤثِّر في طبيعة النوم، لذا يُنصَح بممارسة طقوس مُعيَّنة تُساعد الشخص على فصل هذه المُؤثِّرات عن موعد النوم.
*الكافيين، والكحول، والنيكوتين.
*العوامل البيئيّة، من درجة حرارة الغرفة، والظلمة، والإزعاج.
٤- السيطرة على مصدر التوتُّر، والظروف المُجهدة التي قد تتوفَّر في غرفة النوم.
٥- علاج تقييد فترات النوم، فقد ينجم اضطراب النوم عن البقاء لفترات طويلة في الفراش.