الكثير منا يتمنى نزول أسعار الذبائح ونستبشر خيراً في وصول الأغنام المستوردة من بعض الدول التي رُفع عنها الحظر وإشاعات تنوع الأستيراد من عدة دول أخرى ونقرأ لأخبار الهبوط الإضطراري المحتمل للأسعار إذا ما فتح باب الأنعام المستورده بشكل أوسع والدعايه بهذا الخصوص ولكن لازلنا نشاهد الواقع يأتي عكس مايتوقعه المستفيد!
فما زالت أسعار الذبائح في أغلب أسواق مناطق المملكة التي زرتها قبل إعداد هذا التقرير وتعد من أكبر الأسواق كمحافظة حفرالباطن التي تعتبر عاصمة الثروة الحيوانية ومن أكبر أسواق الجملة في شمال المملكة وأيضا أسواق الرياض وجدة كونها المنفذ البحري فلم نلمس إلا إزدياد الأسعار بشكل مبالغ به جداً حيث يتجاوز سعر الخروف البلدي من فئات النعيمي والحري والنجدي 1700 ريال . والمستوردة كالسواكني والبربري وغيرها تتراوح أسعارها من 800 إلى 1200 وتتجاوزها في بعض الأحيان حسب الحجم والوزن.
الغريب بالأمر أنه وجدنا الجميع ممتعض من هذا التضخم بالأسعار، التاجر والمربي والمستهلك وكل له مبرراته .
فبعض التجار كمحمد العتيبي من جدة يذكر أنه كل ما ارتفعت أسعار الذبائح قل الشراء وقلت الفائدة لدى التاجر،
والبعض من مربي الأغنام يؤكد بأنه مهما أرتفعت أسعار الذبائح فلن يكون هناك عائد مفيد طالما أسعار الأعلاف في أزدياد حيث يتجاوز سعر كيس الشعير ال 42 ريال ومن المحتمل صعوده إلى 50 ريال وكذلك إرتفاع الأعلاف الأخرى من برسيم وذره وغيرها على حد ما ذكره صالح الشمري من رفحاء ويشاركه الرأي خالد العنزي من حفرالباطن.
أما المستهلك فهو المتضرر الأكبر ! حيث يذكر عبدالله الحربي بأن السعر مبالغ به جداً وغير واقعي ويذكر بأن تجاوز الأسعار اللامعقول قد يتسبب بعزوف الكثير عن إستهلاك اللحوم الحمراء ملمحا لمقاطعة ناعمة واختيارية للفرد حتى تعود الأسعار لطبيعتها !
أما عبدالرحمن المطيري يقول اذا أستضفت مرتين أو ثلاثة مرات في الشهر فقد تسببت بإخلال توزان ميزانية مرتبك الشهري او ربما لتسببت بأنهياره تماما ونحن نعيش في وسط مجتمع تعيش بدمائه كريات الكرم الحاتمي ولا نستطيع الصد عن الضيف مهما كانت الظروف.
اما فيصل بخاري من المدينة فتحدث عن خيارات أخرى وصحية أكثر كاللحوم البيضاء من طيور واسماك وماشابه طالما بقيت الأسعار بإرتفاع.
ويذهب اخرين بأن زيادة أسعار الأعلاف قد تطيح بأسعار الذبائح مثل ناصر الرشيدي ومحمد اللامي من القصيم.
يعتقد الكثير بأن أرتفاع أسعار الأعلاف سيؤدي لهبوط أسعار الذبائح وهذا صحيح ولكن قد يكون لحظي ووقتي ولكن أبعاد هذا الأمر اذا استمر الحال سيؤدي بكارثة أكبر ،، ! كيف؟
انا برأيي المتواضع،، ان طال أمد زيادة سعر الأعلاف فقد يكون سبباً كافياً بتناقص اعداد الماشية المحلية والثروة الحيوانية عموما لأن المربي لن يستفيد حتى وان أرتفعت أسعار سلعته لأن المنتج لايُغطي التكلفة من أعلاف وخدمة ومرتبات عمالة فضلاً عن الجهد الذي يبذله المربي وبهذا يقل عدد المربين والمهتمين لهذا السبب كما حصل في بعض دول الجوار التي مرت بمراحل وظروف سيئة بسبب الحصار والحروب حتى أرتفعت بسببها أسعار الاعلاف مما نتج عنه تقلص المنتوج من الثروة الحيوانية بسبب إنعدام الإهتمام لقلة الفائده والسبب كله يدور حول ارتفاع سعر (الأعلاف) اما لندرته أو انقطاعه او بأي سبب كان فقبل عقود او سنوات على الأقل كانت سوريا والعراق من أهم دول المنطقة المعروفة بتصدير الأغنام والآن من يُصدق بأن تلك البلدان أصبحت تستورد اللحوم المجمدة من تركيا وايران وغيرها من الدول الأوروبية .
إرتفاع أسعار الأعلاف في المملكة لا أرى انه بصالح الثروة الحيوانية ونموها وتكاثرها ابدا وإذا كانت هناك نية بالفعل في دعم هذه الثروة لابد من إعادة النظر في أسعار الاعلاف وخفضها ودعمها وتشجيع ملاك (الأنعام) على التربية وإتخاذ أسلوب يهدف لتطوير المنتج كمنع ذبح أناث الأنعام وفتح باب الأستيراد بشكل أوسع للتعويض والحث على الإكتفاء الذاتي المحلي مستقبلاً من خلال زيادة الأنتاج بعد المساهمة الفعالة بدعم هذه الثروة.
الثروة الحيوانية تعتمد عليها بعض دول العالم إعتماد ليس بالقليل بالنسبة لإقتصادها، والبعض يقلل من حجم هذه الثروة للأسف ولا يأبه بها فالثروة الحيوانية هي السلعة والتجارة التي لن تبور منذ الأزل . فلم يكن هناك نفط او فحم او معادن أو بتروكيماويات قبل آلاف السنين ومع تطور العالم وكثرة السلع وتنوع التجارة إلا أنها بقيت تجارة الأنعام ولازالت تنافس كل ما سبق ذكرة لأنها منتج إستهلاكي ولا غنى عنه .
اما برنامج الإعانات الذي قُرر إنشاءه حيث توجيه الإعانات المالية المباشرة إلى حسابات المستحقين كدعم مباشر لصغار مربي الماشية بدلا من دعم الشركات سابقاً كما كان معمولاً به لغرض خفض الأسعار فيحتاج لإعادة نظر من حيث الشروط في تقديم طلب الحصول على الإعانة من خلال بوابة الأنعام إذ هناك عدة عراقيل تعيق المتقدم كشرط عدم وجود المتقدم على رأس عمل سواء في القطاع العام أو الخاص ! وهذا شرط صعب جدا للغاية ولا أر انه من الممكن الإقتناء عن الوظيفة لأجل تربية الماشية الغير مضمون نجاحها.
ثانيا وهل كل موظف يشمله هذا الشرط كموظفي بنود الأجور وبنود المستخدمين وأصحاب الرواتب المتدنية الذي يريد من تربية المواشي زيادة دخله الشهري؟
الكل يعلم من ان ملاك المواشي الكثيرة قلة والأكثرية من المهتمين هم هواة وبعضهم كتجربة ومحاولة إيجاد فرص تحسين وضعه الإقتصادي.
اطلعت على أخبار وتقارير ونقاشات بهذا الخصوص قبل أن اشرع بصياغة هذا التقرير، فاستغربت من البعض الذي ليس له خبرة ويريد أن يبرر كل مايتخذ من إجراءات قد تتراجع عنها الدولة في بعض الأحيان وكثيراً ماحدث مثل هذا الأمر وهذا مما يدل على نُصح المسؤولين وبحثهم عن المصلحة العامة وعودتهم لها حين رؤيتها.
ورسالتي لوزارة الزراعة إن المصلحة العامة في دعم الثروة الوطنية أكبر من التجارب من خلال إعداد البرامج وتخصيص الدعم وسن الشروط بعيداً عن رأي أصحاب الخبرة ورأي المستفيدين من مُلاك ومربي الماشية وتجارها وحتى صغار المُلاك .