محمد الدباسي
النسوية مصطلح يفرح به البعض و يرفضه البعض الآخر قد يطلق كمديح و قد يراد به الشتيمة يختلف حوله الرجال و تتفق عليه بعض النساء .
هي حركة سياسية شئنا أم أبينا مثلها مثل كل الحركات المطالبة بالحقوق أياً كانت تلك الحقوق لأنها حركة تهدف إلى الحصول على مطالب و الوصول إلى غايات تتمثل في تحرير المرأة من عبودية الرجل و إطلاقها للقيام بأدوار مساوية للرجل في المجتمع و الحصول على نفس الحقوق دون تمييز .
ليس هنالك أحد ضد فكرة المطالبة بالحقوق أياً كانت فطالما أنه حق فلا بد من الحصول عليه و لا يلام المرء في ذلك .
على مر التاريخ هنالك الكثير من الأحداث التي أرادت فيها المرأة أن تحصل على دورها المشروع في المجتمع و كان لها ذلك في نطاق ضيق جداً بعض المرات و حُرمت من ذلك أغلب المرات بسبب الاضطهاد الذي عانته المرأة من الرجل و سطوته عليها و التي تعود إلى تركيبة الرجل و قوته و لم يكن ذلك في المجتمع الغربي فقط بل تكرر الحال هنا في مجتمعنا العربي و اقصد بالمجتمع العربي هنا المجتمع قبل الإسلام لأن الذي كان ينظم المجتمع و يسن له القوانين خلال تلك الفترة هو الرجل بصفته الجزء الأقوى كما ذكرنا لكن عندما جاء الإسلام تغير حال المجتمع و سُنت له قوانين ربانية نظمت ذلك المجتمع و وزعت الأدوار بين الرجل و المرأة بما يناسب كل منهما و دون الانحياز لطرف دون آخر و بالتالي لم نشاهد مطالب نسوية منطقية تطالب بحقوق المرأة لأنها قد نالت حقوقها وفق نظام رباني هو أعلم بحال الرجل و المرأة لكن و مع مضي الأيام بدأت تعود أمور قننها المجتمع تحت مسمى عادات و تقاليد بخست حق المرأة من جديد فطالبت هنا بحقوقها مرة أخرى .
إلى الآن ليس هنالك مشكلة طالما أن هنالك مطالب و أن هنالك نظاماً يكفل تحقيق تلك المطالب وفق نظام عادل رباني لكن المشكلة هي في أن تكون تلك المطالب غير منطقية و مريبة حينما نرى من يريد استغلال تلك المَطالب و أصحابها لخدمة أجندة معينة و تحقيق أهداف خاصة .
لو تأملنا ذلك التشويه لوجدنا أنه جاء كحركات نسوية بشكلها التنظيمي و بالتحديد في إنجلترا عام 1895 و منها انتقلت إلى فرنسا و الولايات المتحدة الأمريكية ثم انتقلت إلى عالمنا العربي عن طريق الغزو الثقافي الذي خلفه الاستعمار و قد وجدت هذه الحركات الأجواء الملائمة لها في الغرب فدعمت المرأة و شوهت تلك المطالب و لذلك الحركات النسوية في مجملها بشكلها التنظيمي هي مشروع له أجندة خفية لا مشروع حقوقي أو بوضوح هي مخترقة من الماسونية العالمية كأحد المستفيدين من وجود تلك الحركات و بالتالي نجدها تحيد كثيراً عما وُجدت من أجله و ما كان هم أصحابها من وجودها و بالتأكيد هنالك فرق بين أن يطالب صاحب المشكلة بحقه و بين أن يشاركه تلك المَطالب من له أهداف أخرى بغض النظر عن صحة نوايا بعض منتسبي تلك الحركات .
إنه لمن الخطأ عندما نناقش خطر تلك الحركات النسوية أن نناقش نتائجها لا أهدافها و هذا بالتحديد هو سبب عدم فهمنا أو مقدرتنا لإيصال حقيقتها للناس و تعرية أصحابها فالقضية ليست انحلال أخلاقي و تفسخ في القيم و هدم للمبادئ و التي هي نتيجة طبيعية للأهداف الماسونية من وراء تلك الحركات النسوية و التي تتمثل اقتصادياً في خروج المرأة للعمل لمكاسب اقتصادية بالدرجة الأولى فزيادة العاملين إلى الضعف سيقلل من ارتفاع الأجور و إلغاء فكرة الزواج من قبل الفتاة و بناء الأسرة سيقلل من الالتزامات المالية للفرد سواءً كان ذكراً أم أنثى و بالتالي عدم المطالبة بحقوق اقتصادية و سياسية كثيرة و كذلك اجتماعياً و فكرياً في ترك أمر تربية الأبناء لجهات أخرى غير الأم التي تكون قد خرجت للعمل و بالتالي التحكم بالمستقبل وفق رؤى مدروسة و هذه كأمثلة و لا بد للنتائج أن تكون بهذا الانحلال طالما هذه هي الأهداف المخالفة لطبيعة الذكر و الأنثى .
إن تحقيق عدالة اجتماعية أمر ضروري لكن أن يكونوا على مستوى واحد في المقدار فهذا أمر يستحيل تحقيقه لأسباب كثيرة أهمها أن لكل من الذكر و الأنثى تركيبة خاصة به و لذلك هذا التقسيم الذي أوجده الله للإنسان ليس تقسيماً من أجل التكاثر كما يظن البعض .. لا أبداً إنه تقسيم من أجل أن تسير الحياة و تستمر و توزع الأدوار و يعرف كل واحد دوره في المجتمع و لذلك كانت هنالك فروقات طبيعية و فيسيولوجية بين الذكر و الأنثى غير الفروقات التناسلية و بالتالي لا يملك كل منهما نفس القدرات و الامكانات .
قد يقول قائل نعم هنالك فروقات لكن لديهم نفس القدرات بل و أن الأنثى قد تكون أحياناً أكثر ذكاءً من الرجل .
جميل .. لكن هل الذكاء هنا جعلها في وضع مساوي للرجل ؟
هل الذكاء فقط هو المقياس ؟
هل أزال عنها التغيرات التي قد تصيبها ؟
إذاً هنالك فروقات نتيجة تلك التغيرات التي تصيب المرأة لتحقيق التناسل و بقاء الإنسان و من العدل أن نراعي تلك الفروقات لمصلحة المجتمع و هذا بالضبط ما تنبه له الإسلام و المراعاة هنا أدت إلى تحقيق التوزيع العادل للأدوار فالمرأة قطعاً لن تستطيع جسدياً أن تعمل مثل الرجل فكانت فرصة خروج الرجل للعمل أكبر و كذلك المرأة تمر بتغيرات نفسية طبيعية أكبر فكانت إدارة الأرض بيد الرجل و كل ذلك وفق أنظمة معينة جعلها الإسلام لحماية حقوق المرأة و لا ينفرد بها الرجل .
حسناً .. لماذا هذه الفروقات لصالح الرجل ؟
لما لا تكون لصالح المرأة ؟
نفس السؤال سيكون لو كانت الفروقات لصالح المرأة و لذلك القضية ليست في السؤال بقدر ما أن القضية هي في عدم فهم هذه الأدوار أو رفض فهمها بمعنى أدق .
إن عدم فهم حقيقة الأدوار مع عدم السماح لكل طرف بالحصول على كل حقوقه المنطقية و الشرعية و الاستمتاع بها هو الذي أوجد الصراع هنا .
إن المرأة عانت لأنها حُرمت من حقوقها المنطقية و لو حُفظت لها تلك الحقوق كما حفظها لها الإسلام و تم تأمين حياة كريمة لها و أن هذه الحياة ليست منة لها و إنما كحق من حقوقها من قبل الأنظمة المسؤولة لما كانت بحاجة للخروج و المطالبة بحقها المفقود و لعانت الماسونية من أجل أن تجد مدخلاً عليها لمناقشة قضيتها و في المقابل لو كان هنالك تفريطاً في حقوقها و اعطاءها أدواراً ليست لها و لا تناسبها فسيختل تنظيم دورة الحياة و ستظهر حركات أخرى تطالب بعودة حق المرأة الطبيعي و هذا ما بدأ يحدث عند الغرب و إن تحقق ذلك عند الغرب و استبعد أن يحدث ذلك بسبب الماسونية العالمية و أرادت تلك الحركات أن تنتقل إلينا فلن تجد دعماً استعمارياً كذاك الدعم الذي حظيت به النسوية الآن لأن المطالبات حينها ستكون من أجل المرأة بصدق .
محمد الدباسي
رئيس التطوير في اتحاد الكتاب و المثقفين العرب
maldubasi@gmail.com
m19aldubasi