رحاب سعد
حكت حكيمة عن أسطورة قديمة ، لم تحكيها الأيام و لطفل كي ينام .
يحكى أنه في عالم من عوالمنا عاش كائن شكله غريب ، يدعونه (رغبة) كانت اعضائه تحن لألوان اللباس و الريح الطيب الذي يشمه الناس ، فردوا عليه الناس مالك و مال اللباس يكفيك خرقة تغطيك دون مقاس.
اشتهى حضنه الولد وقال نعم ليكون في عجزي سند ويناغيني و نظرته ترد لي حنيني .. فيا قوم هل من ولد؟ قالو كم من ولد خان الوعد و العهد! فكر رغبة وقال ماذا عن الرسالة و الخليفة؟! فقالوا لو كان يمد الولد فأين هو من أرم ذات العمد؟!
وبعد رحلة رغبة الطويلة أناخه التعب عند شجرة نحيلة.. صاح بطنه جائعا و اشتهى اللحم و أن يكون الماء باردا ، فذهب الى الجزار مهرولا فهل أجد عندك لحمت ساق أو ضلع دسما؟ قال الجزار إن لم يكن لديك قرشا فلن تأكل حتى قشرا.
فعقله سأل عن المال فسأل عن سبيل الدراهم فقالوا لا ينالها الا ذو حظ عظيم في ليلة يكون القمر فيها هلال و إلى أن يهل الهلال تحتاج لمؤنس يشرب معك القوة كثيرة الهال.
كيف يا رغبة؟! سيحرم جفنك من لذيذ المنال .
ماذا أفعل؟
الصبر زينة و فرج لكل قلة حيلة مسكينة .
أخذ رغبة يصرخ في كل مدينة ، انا الكائن قليل الحيلة ، نفسي تأمرني و الناس تلومني و تقطع الوسيلة . سمع القاضي زهيد ذو العقل الرشيد.
مالك يا رغبة؟ تصيح في كل زقاقه برغبة او هتافه حتى كبلوك و بالسلاسل قيدوك و جلبوك الي برغبات مكبلة!
سيدي القاضي قطعهم لسبيل لم يكن عليه دليل ، قالو انبياء مصطفين و قلت لهم كائن غريب وجل سألت الذي بعثهم فصرخ كل عضو مني وسأل بمطلبه حتى تعالت الاصوات و خاف الناس و زادت الفتات و كنت في وسط الرغبات حتى احتدم الالتفاف.
حكمنا بما هو آت نحن القاضي على المجنون الداني بعشرة أمتار من الحبال تلف فيها تلك الرغبات و قطعت من الشريط الاحمر العريض يسد به فاه و خرقة سوداء تعصب فيها عيناه، وسنأويه في قفصنا الحاني يعيش مهذبا لا صوت له ولا جاني.
حتى دارت العقود و خدرت أوصاله وباتت بالضمور ، سمع مناديا من بعيد يهز غضبان الحديد : فروا بما تملكون من مال و بنون وسألو النجاة في وسط نكبات الدهر.
فقام القفص الحنون وفاء بعشرة السنون يفتح الأبواب و فك القيود.
ابتسم رغبة وقال لا مال ولا ملك يفر به المجنون ولا نجاة له في هذا اليوم المحتوم.
عشت مكبوتا و طلبت مجنونا و سأموت منعوتا ذلك الكائن أراد الحياة.
رحاب سعد