خلود هارون
آلَاف السِّنِين مَضَتْ عَلَى وُجُودِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ الْكَهْف ، الَّذِينَ كَانُوا يَعِيشُونَ فِي هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ قَبْلَنَا ، حَيْثُ كَانُوا يَخْرُجُونَ لِلصَّيْد وَغَيْرِه ، كَانُوا يَبْحَثُونَ عَنْ قُوتِ يَؤُمُّهُمْ فِي المساحات الْخَضْرَاء الشَّاسِعَة ، وَفِي تِلْكَ الْبِحَار الصَّافِيَة . لَقَد عَادَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَلَكِنْ بِدُونِ أُولَئِك الرِّجَال ؛ عَادَت الْأَرْضِ إلَى سَابِقِ عَهْدُهَا أَوْ عِبَارَة أَدَقّ بَدَأَت تَعُودُ إلَى أَوَّلِ الْخِلْقَةِ . حَيْثُ كَانَ الهُدوء يَعُمّ الْإِرْجَاء والمساحات الْخَضْرَاء المليئة بِالْهَوَاء النَّقِيّ والأكسجين الْعَذْب ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَسِيرٌ بِشَكْل طَبِيعِيٌّ دُونَ أيِّ خَلَلٍ فِي أَنْظِمَه الْكَوْن . فَقَطْ فِي أَشْهُرِ قَلِيلِه اسْتَطَاع فَيْرُوس صَغِيرٍ إنْ يُعِيدَ الْأَرْض صِحَّتِهَا وَجَمَالِهَا ، بَعْدَ أَنْ أوْدَت بِحَيَاة مَا يُقَارِبُ المليون بِشَرَّي فِي ظُرُوفِ لَمْ تَكُنْ بِالْحُسْبَان . عِنْدَمَا فَرْضٌ سَيْطَرَتِه وَنَصَب عَرْشُهُ عَلَى الْأَرْضِ ، قَسِى كَثِيرًا عَلَى الْبَشَرِيَّةِ حَيْثُ قَضَى عَلَى الْمُتَسَبِّبِ بِالْإِضْرَار وَمَنْ لَيْسَ لَهُ أَيْ دَخَلَ بِالْأَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَم مَازَال طِفْلًا ضَعِيفًا ، وبفعلته هَذِه اخْتَلّ مِيزَانِه وَأَصْبَح هَمُّه الْعَالِم فَقَطْ دُونَ سُكَّانِهَا عِنْدَمَا فَرْضٌ عَلَى الْعَالِمِ الْمُكُوث فِي الْمَنَازِلِ . قَدِم امْلَأ الْأَرْض بِأَنَّهَا قَادِرَةً عَلَى اِسْتِعادَة خُضْرَتُها فِي تِلْكَ الْبَسَاتِينُ وَعَلَى أَنَّ تستعيد صَفَاء مَائِهَا وتمنح سُكَّانِهَا مِنَ الأسْمَاكِ وَالْمَخْلُوقَات الْأُخْرَى الصَّفَاء . وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا بَلْ وَصَلَ إلَى السَّمَاءِ حَيْث وَتَمَكَّن أَخِيرًا طَبَقَة الأوزُون أَنْ تَبْدَأَ فِي رَحْلِهِ عِلَاجُهَا وتعافيها ، بَعْدَ أَنْ آكَدَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ ثُقْبٌ الأوزُون بَدَأ بالتقلص ، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ اقفلت الْمَصَانِع أَبْوَابِهَا وَلَمْ يُعِدْ هُنَاك أبْخِرَةٌ تبثها إلَى السَّمَاءِ . وَهَل تَوَقَّف هُنَا ؟ لَا . لَمْ يَتْرُكْ حَتَّى أَقْصَى الْأَرْضِ وَأَدْنَاهَا حَيْث ولأَوَّلِ مَرَّةٍ مُنْذُ عُقودٍ مَضَت أَصْبَحْت حَالَة القُطْبَيْن مُسْتَقِرَّةٌ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُهَدَّدَةٌ للبشرية بالذوبان وَارْتِفَاع مُسْتَوَى الْمَاءِ فِي الْأَرْضِ مِمَّا يُؤَدِّي فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى غَرَقُهَا . فُتِحَ هَذَا الْوَبَاء أَعْيُن الْبَشَرِيَّة عَلَى مَا هُمْ فَاعِلِيه بِأَرْضِهِم ؛ صَحِيحٌ لَمْ يَكُنْ مِيزَانِه عَادِلًا وَلَكِنَّهُ قَدَّمَ رِسَالَة لَهُم مُفَادُهَا . . . قَضَيْتَ عَلَى بَعْضٍ مِنْكُمْ عَلَى أَمَلِ بِأَن يُكْمِل الْبَقِيَّة مَا بَدْأَتِه مِنْ أَحْيَاءِ لِلْأَرْض .