مشعل العنيزان
يَا مَنْ تركْتِ أمَانينَا مُموَّجَةً
إِلى أَشَدِّ لُغَاتِ المَدِّ والجَزْرِ
علَى سوَاحلِنَا المُمتَدَّةِ ارتكبَتْ
تجليُّاتُكِ سوداوِيَّةَ البَدْرِ..!!
بحَقِّ مَوْجِكِ بعضُ الرِّيحِ لِي وطَنٌ
فانفِي شرَاعِي إِلى أواخرِ البَحْرِ..
لا تترُكِيني مع الأحبَارِ مُنفرِدًا
فالحِبْرُ لا يلتقِي إِلاَّ معَ السَّطْرِ..
أنتِ المواجَهَةُ الكُبرَى وأحسبُنِي
لا أستطِيعُ سِوَى المُضِيِّ كالصَّقْرِ
إِنْ لَمْ أعِشْ عُمْرِيَ الآتِي مُغامرَةً
فلنْ أنامَ قريرَ العَينِ فِي قَبْرِي..!
مَا كُنْتُ إِنْ لَمْ أَكُنْ للحُبِّ قِبلَتَهُ
أَو لَمْ تَطُفْ بابِلٌ يَومًا علَى سِحْرِي
فِي الرُّوحِ مِعرَاجُ مَنْ نهوَى وصُورَتُهُ
فِي العَينِ نحوَ سمواتِ الهوَى تَسْرِي
يَاأبجديَّتُنا الأولَى.. وهِجرَتُنَا
لما وراءِ مُحِيطَاتِ النَّدَى العَشْرِ
زِيدِي علَى عُقَدِ البَحْرِ الّتِي نُفِثَتْ
أُخرَى فمقياسُنا السِّحرِيُّ يستشرِي
كفَرْتُ بالبوصَلاتِ الآنَ فانطلقِي
بِنَا فبوصلَتِي تدُقُّ فِي صَدْرِي
كولُومبُوسَ البَحْرِ فِي عينيكَ أسئلَةٌ
وفِي شِفاهِكَ صَوْتُ المَوْجِ يَاهنرِي
وأَنْتَ يَافاسكُو دِي غامَا أَلاَ جُزُرًا
تلُوحُ فِي الأُفُقِ المُمتَدِّ للبَحْرِ؟!
إِلى الخرائطِ مَاجِلانُ مُتّجِهٌ
حتَّى الخرائطُ يَا فِرْنَانَدْ لا تَدْرِي
بينَ الدَّيَاجِي شِهَابُ الدِّينِ قامَ علَى
سَطْحِ السَّفينَةِ يتلُو سُورةَ الفَجْرِ
يقُولُ:للمَوْجِ أقدَارٌ ولِي قَدَرِي
وللمُحِيطَاتِ أسرَارٌ ولِي سِرِّي
لأبحُرِ اليأسِ يَارأسَ الرَّجَاءِ أتَى
مَوجٌ يُؤجِّلُنَا حِينًا مِنَ الدَّهْرِ..!
مَا كُنتُ مُوسَى ولكنّي معِي خَضِرٌ
ولستُ أيُّوبَ لكنِّي مَعِي صَبْرِي..!
لحكمَةِ اللهِ فِي أغوارِنَا صَدَفٌ
فِي جوفِ ظُلمتِهِ مُستودَعُ الدُّرِّ
فِي مَشرِقَينِ يقُولُ اللهُ فِي صُحُفٍ
اليُسْرُ بالعُسْرِ إِنَّ اليُسْرَ بالعُسْرِ
لا يستبِيحُ قنُوطِي غيرُ أشرعَتِي
ولا يُحطِّمُ يأسِي فِي المُنَى غيرِي
ولا تُزاحِمُني فِي ظُلمَتِي ظُلَمٌ..
وكيفَ يشكُو اللَّيَالِي كوكَبٌ دُرِّي
…………………………
اللوحة: بريشة الفنان بندر المسيعري، عضو مجموعة الفنون التشكيلية بالعلا.