تبدو بعض المفاهيم معلقة نسبياً وأقرب للنظرية حتى تجد فعلاً يقربها من الأفهام
مفهوم التنمية الثقافية ربما يكون واحداً من تلك المفاهيم التي تقترب من الشعارات حتى تجد فعلاً ثقافياً يجسدها
في معرض كتاب المخواة أثبتت أمسية المواهب الشابة التي أقيمت ضمن أمسياته أنه التنمية الثقافية يمكن تحقيها في ظل علو كعب الشباب المشاركين في الأمسية مع إتاحة الفرصة لهم
ولوّن كلّ من عبدالله الشدوي ومصعب الغامدي وعبدالإله دباج المساء بتشاكبل إبداعية من مختلف حقول الإبداع المعرفي
بنصوصهم اللافتة والمميزة
افتتح الأمسية مديرها جابر العُمري معرفاً بالمشاركين
بعدها ألقى الشاعر الشاب عبدالله علي الشدوي قصيدة مجاراة بينه وبين الدكتور : محمد عبدالله الشدوي
حَيَاةُ ابنُ آدمَ في رِحلَةٍ يطولُ مداها وقد يقصُرُ
كأعمى يسيرُ بلا قائدٍ
وفي سيرِهِ رُبَّما يعثُرُ
ويعشقُ بالسمع رُعبُوبةً وعينُ المتيَّمِ لا تُبصِرُ
أتُعشقُ من وقعِ خِلخَالِها
أم الحبُّ أعمى فلا ينظرُ
ودنيا ابنِ آدمَ غرَّارة وعاشِقُها أكمَهٌ … يَعبُرُ
يُمرِّغُ خدَّيهِ في وحلِها ويعذرها وهي لا تعذُرُ
جاراها الشاعر عبدالله بقوله
طرِيقُ الهُدى واضحٌ للملأ
ومن يسْلُكُ الشر لم يجبرُ
أيا طالبَ الخيرِ في سيرهِ
على كل ماترتجي .. تعثرُ
ومن خالفَ السيرَ في مشيهِ
تردَّى وعيناه قد تنظُرُ
فيا كل من لم يخف ربَّهُ
تذكر سراطاً به تعبرُ
تزود من الزاد ما يوصلك
الى الله حين الملا تنشَرُ
وثِقْ أن ربي غفورٌ ودودٌ
عليمٌ بجهركَ لو تسترُ
وشارك الشدوي بقصائد من وحي عزلة كورونا التي كانت حدثاً من وحيه أنتج المبدعون الكثير من النصوص
ففي قصيدة عنونها ب “أزمة كورونا”
جاء فيها :
يالله يا منزل تبارك والانسان
يا عالم باللي حصل في المجره
..
مقدر الاقدار في كل الاكوان
و موزع الارزاق في كل جرّه
..
تحمي بلاد العز والمجد والشان من شر فيروس الكورونا ومُرّه
..
ضاقت وساع الارض في عين الانسان واصبح يهوجس بالمرض من مقره
..
يجهل ذنوبه وقت نعمة واحسان امن الوطن واحوالنا المستقرة
..
إلى أن قال :
يالله يا رب البشر وانت منّان ادخل على جمع الخلايق مسرّه
..
و يا سعودي افخر دام حاكمك سلمان وارضى بحكم الله خيره وشرّه
..
الزم ديارك يا عزيزي على شان جلستك في بيتك تقيك المضرّه
وختمها بالتحذير من خطر التهور وتجاهل التعليمات فقال :
سفاهة الجُهّال في بعض الاحيان احيان تقتلنا على حين غِرّه
الشاب : مصعب الغامدي أحد نجوم الأمسية طاف بزوار المعرض وحضور الأمسية بين الريشة واللون من خلال معرض لوحات البورترية بمقر الفنون التشكيلية الذي تشرف عليه جماعة نون للفنون
وقد اللوحات المشاركة لمصعب ذائقته الفنية وعلو كعب ثقافته وقدراته الفنية المدهشة التي جسدها قدرته على التقاط تفاصيل الوجوه لفنانين من محتلف الأطياف بينهم طلال مداح ومحمد عبده وعبدالحسين عبدالرضا وعبادي الجوهر ونجمة هوليود مارلين مونرو ورسمها بدقة متناهية .
لم يكتف مصعب بما ابدعته أنامله في معرض الفن التشكيلي بل صعد ليشارك عبدالله وعبدالإله الأمسية الثقافية التي أدارها باقتدار جابر مستور العُمري
وألقى مصعب عدداً من النصوص التي تنوعت بين حقلي القصة والشعر
جاءت إحدى نصوصه بصبغة عالمية وتدور أحداثها في القرن الماضي
ألقاها بثقة وتمكن وزاد من جمال النص أنه عوالمه كانت تطوافاً يرصد فيها حالة التيه التي عاشها السائح دانجلي بين أحياء باريس وممراتها الحجرية
التي كان يقطعها على دراجة الهوائية ويعيش مع سيدة عجوز علمته صناعة الحلوى وفطائر العسل وتعلم على يديها الكثير من اللغات
لكن دون أن يدري أنها ليست والدته
وحين تكشف له العجوز سرها يصاب بصدمة يضطر معها للرحيل إلى هولندا لما سمعه عن طواحينها وجمالها
مصعب أركب الحضور قطار الرحلة ليسافر بنا معه وهو يصف الطرقات ووجوه الناس وتعاملاتهم ولحظات وصوله ثم تطفله على عالم وجلسات رجال الأعمال هناك وتجاهلهم لمقترحاته بشأن استثمار الطواحين سياحياً
تترك هذه الحالة شعوراً بالهوان داخل مصعب فيرسل رسالة عبر البريد إلى السيدة (بيث)
وترد له بجملة من النصائح المطوقة بيقينها أنه سيحكم امستردام. ورغم أن دانجلي سخر في داخله من هذه الأمنية لأنه كان ينام في
الحدائق العامة وعلى الأرصفة دون مأوى
لكن السيدة الارستقراطية كاترين قطعت عليه أجواء سخريته وعالم وحدته حين سمعها خارج أسوار الحديقة العامة تتحدث مع مواطنين عن رغبتها في الحصول على عامل يحرس قصرها ويعمل في حديقتها يوافق على العمل معها ليصل إلى بلاط القصور التي حلم بها طويلاً
عمل دانجلي في القصر بإخلاص وأمانة وكانت نصائح السيدة بث مدده الأول الذي يمنعه من أي محاولة تخالف الأمانة حتى لو تحت إملاءات فضول المعرفة
كسب دانجلي ثقة السيدة كاترين فعاش سعيداً في أرجاء القصر يواصل مراسلة السيدة بيث حتى جاءته رسالة من أحد جيرانه
يخبره فيها بأن السيدة بيث ماتت منذ أسبوع وكانت قد أوصته بأن يرسل لها نبأ وفاتها دون أن ينيى إخباره بالحلم الذي تكرر عليها في منامها كثيراً كانت ترى فيه دانجلي ملكاً وحوله الحراس وتذكره فيها أن بكون ملكاً بأخلاقه من الآن
تتوالى الأحداث حتى يقرر العودة لباريس
لكن السيدة تصر على بقاءه وتكتب القصر باسمه لأنه لا وريث لها وتغادر نحو قريتها
لتترك له مالها وقصرها
قبل أن بعود ليلقي نصوصاً شعرية تفاعل معها الحضور
عبدالإله العُمري بدأ مشاركته بقصيدة حب في سمو أمير منطقة الباحة جاء فيها :
دوماً الى العليــاء يسعى جاهداً
حتى تبوّء في اراضينا مــقــام
فأثاره .. أن لاحـدود لــمجــــده
فمضى لحلمٍ والشباب له عصام
فإذا بها الأقــطــار تسألُ من هو
بمحبة قــلــنا لها : هــذا حسام
ثم ناجى السيد شعور بقصيدة قال فيها :
رسالةٌ إلى السيد: شعور .
خذني إلى حرفٍ تريد برسمه
وصف المتاهة في سكونكِ ياشعورْ
سأكون بوصلة المسير لتقتفي
أثري على دربِ انبعاثكَ والنشورْ
قلمي الذي عرف الحياة وصاغها
كم خطّ من ألمٍ وكم خلق السرور
وتراه إن بلغ السلام مسالمًا
ويجيد معترك المصائبِ والشرور
فاخلع رداء الكبرياء وبُح لنا
واحفظ مصيرك من مغبّات الغرور
فالشعر إن فَقَدَ الشعور: هباءة
أحسن إليه بمنحه ألق الحضور
واصحبه في أيام سعيكَ للملا
واظفر به ليكون تذكرة العبور
وفي نهاية الجولات عقب رئيس اللجنة الثقافية الأستاذ ناصر بن محمد العُمري على مشاركة المواهب الشبابية في فعاليات المعرض بقوله
حرصنا أن تكون لهذه الكوكبة مساحة خاصة
تبرز من خلالها مواهبها وأضاف :
بهجة حد الانتشاء ،وفخر كبير يحتلنا بهذه الكوكبة ، التي تجترح الفعل الثقافي
وتديره وتصنعه
وأضاف هؤلاء هم : رهاننا القادم وهم هدايا ثقافة المخواة للوطن حيث نعدّهم لأن يكونوا صناع الثقافة في أزهى عصورها – عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين أمير الطموحات والرؤى الحالمة والمستقبل الزاهر ،
وختم بالقول : نمني النفس أن نغنّيهم كنشيدتاريخي، ، كوهج مدينة لاتهدأ . لأن هؤلاء هم أجيال الرؤية ومستقبل الثقافة وبهم نصنع المجتمع الحيوي ونبني الوطن الطموح
وفي ختام الأمسية :
كرم رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بالمخواة الأستاذ ماشي العُمري
فرسان الأمسية مثمناً لهم مشاركتهم النوعية
وإثراءهم فعاليات معرض الكتاب الأول بالمخواة