مرفت محمود طيب
قد يعتقد البعض أن الوحدة يشترط فيها أن يكون الشخص وحيدا في المكان والزمان، بلا رفقة أو أصدقاء ، فتتخيله جالسا على أريكة في غرفة مظلمة باردة يتعالى فيها صوت دقات قلبه، التي بدأت تتخافت مع تصاعد صوت تنهداته المحتبسة تبحث عن منفذ يصلها لعالم الأحياء دون جدوى فتلك هي الوحدة المادية، وهي ليست مقصدي.
أنا ما أريد أن القي الضوء عليه هو الوحدة المعنوية، وهي أن تكون وحيداً رغم تواجد الكثيرون من حولك، تعلوا أصوات أحاديثهم وضحكاتهم ولكنهم لا يبالون لوجودك بينهم، كأنهم أشباح لا يتقنون التعامل مع البشر، لهم عالمهم ولك عالمك تشعر بأدق تفاصيلهم ولا يرون أوضح تفاصيلك وقد يتعامون، لا لشيء فقط لأنهم لا يأبهون إلا بأنفسهم، تحيى معهم ولا يحيوا معك، حياة من طرف واحد كالحب من طرف واحد محكوم عليه بالإعدام.
فإحساس الوحدة من أصعب المشاعر التي قد يمر بها الإنسان رغم وجود الجماعة، فهم بعيدون رغم قربهم.
إلى متى البعد رغم القرب، والعقاب قبل العتاب، والترهيب قبل الترغيب والغياب رغم الحضور، ذلك الحضور الباهت بل الحضور السراب يحسبه الظمآن ماء وعندما يقترب لا يجد إلا خيبة الأمل التي اعتادها، دائما يمني نفسه بأن القادم أجمل ما دام للكون رب قادر على تغيير الحال للأفضل.
فان شعرت يوما بأنك وحيد رغم وجودهم وان ابتسامتك تختفي خلف تجاهلهم، وان الحياة أصبحت لا تحتمل بإهمالهم، وان غدت الدنيا سجنا لأنفاسك والأيام قيدا لخطواتك والساعات أسرا لأحلامك، فأرسم على وجهك إبتسامة تسحق القهر واسكب من مقلتيك دمعة فرح، عد الى النور واحضن عروقك المفتوحة وأشعر حياتك بوجودك واشعر أنت بوجودها، وأعلم انك لن تكون وحيدا والله معك، لن تكسر فمن خلقك سيجبرك، اذكر الله، الله يذكرك وكن مع الله ليكن معك، وردد دائما اللهم إني أسألك الأنس بقربك، وليكن شعارنا الأنس بالله أفضل بكثير من الأًنس بالإنس.
التعليقات 1
1 ping
د. محمد عوجري
20/01/2016 في 1:52 م[3] رابط التعليق
الله الله عليك
احسنتي مقاله راقيه تمنيت لو طالت
جدا مميزه بارك الله فيك