حسين محمد معلوي
دخل العام الهجري الجديد (١٤٤٠هـ ) ولم يكن المراقبون المتابعون والمحللون يتوقعون أن تستمر حرب الحوثيين في اليمن الى هذا العام ، وأن يكون الطريق إلى صنعاء مليئ بالعقبات ولكن في الواقع أن هناك أسباب كثيرة وجوهرية أخّرّت حسم الصراع ، بعضها مخطط له من الأعداء وبعضها بسبب تراكمات وضغوط خاطئة لم يتم معالجتها منذ البدايه . إن من الأسباب الهامه ما يلخص في عدة نقاط ، أولها .... الموقف السلبي للأمم المتحده الذي يكتفي بإدارة الأزمة وليس حلها سواء علىٰ مستوىٰ المنظمات والهيئآت الأمميه أو علىٰ مستوىٰ مبعوثي الوساطه الممثلين لهذه الهيئة الأمميه الذين ليس لهم من موقف سوى مداهنة الحوثيين واسترضائهم وعدم الحزم معهم بل وإيجاد الأعذار كما فعل جمال بن عمر وإسماعيل ولد شيخ أحمد والمبعوث الحالي مارتن قريفيتس الذي برر للحوثيين عدم حضورهم لمؤتمر جنيف عندما قال" إنهم كانوا يودون الحضور الى جنيف " في حين أن المفترض أن يدين عدم حضورهم ، خاصة وأن الأمم المتحده قد أخذت موافقتهم للحضور و وفرت لسفرهم من صنعاء الى جنيف طائرة أممية خاصه بل إن الأسوأ من هذا ما اكدته تقارير موثقه من مصادر موثوقه بأن عملاء من الأمم المتحده ينقلون أسلحة للحوثيين على السفن والقوارب التي ترفع علم الأمم المتحده -أما مجلس الأمن الدولي فقد فشل في تنفيذ قراره رقم (٢٢١٦ ) بشأن اليمن بل عطل واحتكر قرارت الأمم المتحده الصادرة بشأن اليمن وغيرها ، وصارت الدول الخمس الكبرىٰ الدائمة العضويه في مجلس الأمن لا تمرر أي قرار إلا إذا كان خادماً لمصالحها وإن تعارضت تلك المصالح تفاوضوا بالمقايضات للتوصل الى حل يحقق مصالحهم فقط ، بل إن الأسوأ من هذا أن الدول الكبرى تُشْعِلُ حروباً وأزمات في بيئآت ودول صغيره أو ضعيفه لأجل أن تتفاهم على ملفات دولية تخصها وتحقق مصالحها وهذا ماجعل المملكة العربية السعوديه تعتذر عام (٢٠١٣م )عن الإنضمام الى مجلس الأمن كعضو غير دائم عندما رشحت لذلك في وقت مضى بسبب إزدواجية المعايير في مجلس الأمن مما ادى الى زعزعة الأمن والسلم الدوليين . إن تصرفات الدول الكبرى جعلت الأمم المتحده مترهلة وضعيفة وغير ذات مصداقيه في كل القضايا الدوليه وبشكل لم يسبق له مثيل بحيث لم يكن لها أدوار تذكرفي حل القضايا والأزمات الدوليه المزمنة والمعلقة على الساحة الدولية وأولها قضية فلسطين بل إنها تسببت في كوارث وإبادة إنسانيه للمدنيين بسبب ضعفها أو ترددها أو عمالة بعض مسئوليها السيئين الذين يتغاضون أو يتماهون أويقفون مع الجلاد ضد الضحية كما حدث في اليمن عندما إنقلب الحوثيون على الشرعيه وأقاموا للناس المجازر واختطفوا المعارضين وعسكروا الأطفال والنساء قسرا واستخدموا المدنيين دروعا وَزَرَعُوا أرض اليمن بكل طرقها ومدنها وقراها وعزلها ألغاماً ستعاني منها كل الأجيال اليمنية الحالية و القادمه . ومن باب سياق الأدلة على رداءة مواقف الأمم المتحده ومجلس الأمن الدولي في الماضي والحاضر فإن من مساوئها تغاضيها التام عن مجازر شعب البوسنة والهرسك ، ومجازر أقلية الروهينقا في دولة ماينمار أو بورما سابقاً. يضاف إلىٰ سلبيات سجل الأمم المتحده مواقفها السيئه من الكوارث التاريخيه في دول سوريا والعراق التي كانت الأمم المتحدة فيها تماما مثل حصان طروادة ومازالت تؤدي هذا الدور.
أما الأسباب الأخرىٰ والتي أعتبرها المراقبون هامة وجوهرية وأساسية فهي تتمثل في بؤس وشقاء وسفاهة الساسة اليمنيين في كل الطبقات السياسية والحزبية والإجتماعية والإتجاهات الفكريه وبدون استثناء . الذين نافقوا مع ما يسمىٰ بمظلومية صعده حتى إنتشر المرض السرطاني الحوثي الإيراني في اليمن بأكمله ، ولا شك أبداً بأن مهندس وعرّاب هذا البؤس وهذا الشقاء والضياع هو الرئيس السابق المخلوع علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون بشكل مهين . وهو الذي كان رمزاً للإنتقام والغدر والجحود والنكران والأنانية ، وكان يعتبر أن مصلحته وعائلته فوق مصلحة اليمن بكل المقاييس وكأن حكمه لليمن (٣٣) عاما غير كاف للسلب والنهب والتخريب . هو الذي أوجد الحوثيين و زَرَعَهُم بشكل قطعي في اليمن وفتح لهم الأمن السياسي المواقع لتدريب كوادرهم على أنشطتهم الهدامه وأعطاهم الفرص لإنشاء تنظيماتهم ومنحهم الدُوْرْ لمدارسهم لتدريس مَلَازِمْ حسين الحوثي ، بهدف وضعهم شوكة في نحر أهل السنة في اليمن بحجة حفظ التوازن الطائفي الذي لم يكن به خلل ولا فرقه ... وهم لا يشكلون في بداياتهم اكثر من (٢٪ ) من مجموع سكان اليمن علاوة علىٰ إن علي صالح كان يريد إستخدام الحوثيين في ضرب زعماء ومشايخ القبائل اليمنيه الأحرار والمكونات القبلية التي كانت تشكل موقفاً رافضاً وضاغطاً لتولي إبنه أحمد وراثة عرش أبيه في اليمن ومن أهدافه أيضاً لِزِرَاعَة الحوثيين ضرب وتهميش كل القيادات السياسية ، والتاريخية في اليمن مثل (أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر و اللواء علي محسن الأحمر وقادة حزب الإصلاح والزعماء الجنوبيين وغيرهم من القيادات في كل الأحزاب اليمنيه ) ، وعلاوة علىٰ ذلك فإن علي صالح الملقب بعفاش هو من زرع القاعدة في أرض اليمن لغرض الإبتزاز وهو من نكث تعهداته مع الجنوبيين ودول الخليج وبالتالي فهو السبب الرئيسي لما حدث ويحدث في اليمن كما يؤكد اكثرية اليمنيين . إن من أسباب استمرار الحرب في اليمن أن إيران لم تتوقف لحظة عن دعم الحوثيين بالمال والسلاح والمستشارين الخبراء في التدريب والتخطيط والتصنيع الحربي بمافيها تجميع أجزاء الصواريخ وتركيبها وإطلاقها دون أي اعتبار لقرارات الأمم المتحده الشكليه وبيانات المجتمع الدولي الهزيله . إن من الأسباب المهمه التي أطالت الحرب إعطاء دول التحالف حجما أكبر مما يجب لدور الأمم المتحدة ومنظماتها وإعلان دول التحالف المستمر بأن الحل في اليمن سياسي وليس عسكري مما طمأن ايران والحوثيين فرفعوا سقف مطالبهم في المفاوضات السياسيه وتقاعسوا عن حضورها . ومن الأسباب الأخرىٰ لتأخر الحَسم العسكري أن قوات الشرعية اليمنيه وحلفاؤها لم تقرر حسم الوضع في تعز وفِي الحُدَيدَه وفِي جبهة نَهْم وصَعده لأسباب داخلية وخارجيه معروفه وغير مبرره مثل الضغوط الخارجيه . وبشكل قطعي لن تتم هزيمة إيران وعصابة الحوثي مالم يُتّخَذْ قرار بالسيطرة على هذه المدن والجبهات رغم ضغوط وتدخلات الدول الكبرى والمجاوره التي لا تريد إنهاء الأزمة ولاهزيمة الحوثيين لأنهم يعتبرونهم "ربيبة " لهم لخططهم القادمه كما كانت اسرائيل ربيبة . يقول بعض المحللين إنه ربما لحسن نوايا التحالف العربي ولضرورة السرعه في إطلاق خادم الحرمين لعاصفة الحزم لإيقاف إيران والحوثيين ومنعهم من السيطرة على اليمن ، لم يكن لدىٰ التحالف منذ البدايه استراتيجية واضحة المعالم ذات مراحل وتوقيتات محدده لإدارة الحرب في اليمن ودعم الشرعية بكل الوسائل لحسم الحرب في مدة زمنية أقصر وهذا خطأ القيادات العسكريه للتحالف العربي التي من مهامها عمل تقادير وتقارير الموقف الإستراتيجيه ورفعها للقيادات السياسية للتحالف لاتخاذ القرارات المناسبه ، وبدلاً من ذلك سعت بعض الأطراف في داخل اليمن وخارجه لإحياء حزب المؤتمر والرئيس عفاش قبل قتله ثم تحولت تلك الجهود لدعم أحمد علي عبدالله صالح وطارق محمد صالح اللذان لم ينضما للشرعيه ليكون أحدهما سَيّدٌ ثاني في اليمن على طريقة الرئيس علي صالح ومن شابه أباه فما ظلم . وكان الأولىٰ في الظاهر أن تُطْلَقْ يد قوات الحكومة الشرعيه اليمنيه وحلفائها وتدعم بقوه وبإشراف التحالف لاستقطاب القبائل اليمنية الكبرى والوطنيين من كل القوىٰ اليمنيه ودعمها لحسم الأمور منذ البدايه خاصة وأن علي محسن الأحمر لديه تحالفات وشعبية قويه داخل اليمن في بداية الحرب . ولعل من أهم الأسباب لتأخر الحسم صعوبة التضاريس في اليمن . إ ن أرض اليمن تحتاج الىٰ رجال ماهرين في صعود الجبال وفي الهبوط الى الأودية والشعاب لتحريرها وهو ما يعرف بالقتال في المناطق الجبليه ، وقبائل اليمن هي الأجدر و الأقدر لتنفيذ هذه المهام كما هو حاصل الآن ، فأبناء هذه القبائل هم من يشكلون الجيش الوطني والمقاومةالشعبيه . لقد دفعت دول التحالف والشرعية اليمنيه آلاف الشهداء والمصابين والضحايا المدنيين الذين سقطوا أو اسْتُشْهِدُوا بسبب حرب الحوثيين العبثيه، ودفعت دول التحالف المليارات لمساعدة وإغاثة الشعب اليمني ولمنظمات الأمم المتحده التي صارت تلطم ذاتها تعاطفاً مع القرامطة الجدد دون خجل أو حياء لدرجة أنها تسميهم الحكومة والسلطة الفعليه مخالفة بذلك ميثاق وقوانين الأمم المتحدة ذاتها التي تطلق على مثل عصابة الحوثي مسمى متمردين . كان يجب على المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحده أن تكون مساندتها حقيقية لِلَجْم إيران وعصابتها في اليمن وميليشياتها في سوريا والعراق وغيرها ومع كل ذلك فإن دول التحالف والشعب اليمني الممثل في حكومته الشرعيه يؤكدون بأنه لا بد من صنعاء ولو طال السفر ، حتى وإن اخر وصول صنعاء مكر الدول الكبرىٰ وتخاذل المجتمع الدولي بهدف تنفيذ خطة الشرق الأوسط الجديد ، ولكن سَيفْشَلُ مكرهم ، لأنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
اللواء الركن متقاعد /
حسين محمد معلوي
قائد حرب درع الجنوب
محلل استراتيجي وخبير عسكري .
التعليقات 1
1 ping
سعد الدايل
16/09/2018 في 1:54 م[3] رابط التعليق
حينما تجتمع الخبرة والوطنية وتنسجها ايادي تعرف الماضي وتستشرف الغد
بهذه المقاله وما سبقها..اجبت ابا محمد على تساؤلات خاصة بشباب العرب وشبابنا خاصة وكما ذكرت وفقك الله ليس غريبا التلاعب الأمي لمصالحهم بل اصبح بعضهم يتبجح بمصلحته على اي حل
وخاصة في الشرق الاوسط …
لكننا تعلمنا من هذه الحرب الصديق الوفي والعدو الظاهر والمنافق المندس علمتنا هذه الحرب فنون السياسه ودهاء الحكام في بلدنا الغالي
بل تعلمنا أننا لابد أن نكون أقوياء علما وتقنية واعداد اجيال قادمة … من يتابع اخبار جنودنا في الميدان وعلى الحدود يستبشر خيرا ويتفاءل بمستقبل القوة المبني على الدين والعلم والشجاعة