مما عمّ وطمّ مشَاهِدنا الاجتماعية والثقافية والتاريخية التساهلُ في منح ألقاب التفخيم والتبجيل للأشخاص وبعض الجهات في مجانية غير منضبطة. بإسهام من الإعلام بجميع وسائطه في انتشارها وترسيخها على الرغم من عَوَار كثير منها وعدم استنادها لحقائق مثبتة بعد استقصاء علمي لا انحياز فيه وشارك المجتمع بتقبلها والتماهي معها.
ونخص بهذه المقالة الجانب التاريخي من تلك المشاهد المرويّة.!
فمن خلال متابعتي لبعض حلقات تاريخية للأستاذ عبدالعزيز العويّد من (الكويت الشقيقة) عبر فيديوهات مذاعة و منشورة على الشبكة العنكبوتية سمّاها ( كانوا ملوكاً) تحدث فيها عن تاريخ أُسرٍ بعينها كان لها ترؤس قبائلها وإدارة شؤونها وجرى لها وعليها ماجرى في جزيرة العرب فترة من الزمن وانتهى نفوذها وتلاشى لأسباب عديدة في الوقت السابق للعهد السعودي الحديث الزاهر.!
منها على سبيل المثال (الأشراف أمراء الحجاز_ نهاية إمارتهم 1344 _وآل المتحمي في عسير_ انتهت إمارتهم 1233_ وآل عايض في عسير _نهاية إمارتهم 1340_ وآل الرشيد في حائل _نهاية إمارتهم 1340_ والأدارسة في المخلاف السليماني _ منطقة جازان حالياً_نهاية إمارتهم 1351 ..!!
ومع تقديري لجهود العويّد التاريخية والثقافية والإعلامية مع التحفظ على بعض ماذكر في بعضها.
فإن العويّد في حلقاته التاريخية هذه لم يوضح أسباب إطلاقه هذا اللقب (الملوكي) على تلك الأسروالإمارات التي خصّها بهذا اللقب ولا الغرض الذي يهدف له من منحته المجانية هذه .!
وألقاب (الأميروالإمام والسلطان) كما يعلم والقرّاء الكرام ألقاب سجّلها التاريخ الإسلامي والحديث ومعروفة الدلالة والمعنى.!
وإذا ماعلمنا أن هذه الأسرالتي نحترم كل من ينتسب لها ماضياً وحاضراً مجتمعة، هي إمارات مناطقية عاشت منذ القرن الثالث عشر الهجري وحتى منتصف القرن الرابع عشرتقريباً وجميعها الآن أصبحت بحمدالله تعالى ضمن الكيان الكبيرفي جزيرة العرب وفي المملكة العربية السعودية تحديداً كأول وأنجح وحدة عربية إسلامية بعد الخلافة الراشدة. وتحت قيادة المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود موحد هذا الكيان وأبنائه الملوك الميامين من بعده وحتى اليوم واتحد الشعب تحت راية لا إله إلا الله محمدرسول الله. !
وكما هو معلوم أن لقب الحاكم(الملك) لقب حديث الاستخدام بل حتى الملك عبدالعزيز رحمه الله قبل تلقبه به كان لقبه الرئيس(إمام) كأسلافه في إمارة الدرعية في الدولة السعودية في أدوارها الأول والثاني واستمراستخدام هذا اللقب حتى تم بحمدالله تعالى توحيد المملكة وإعلانها بهذا الاسم في عام 1351 في دورها الثالث.!
وكذلك الإدريسي في صبيا بالمخلاف السليماني كان لقبه الإمام وآل الرشيد وآل المتحمي وآل عايض كانوا أمراءً ولم يتلقبوا ملوكاً، ووثائقهم الممهورة بأختامهم وتواريخهم تشهد بذلك.!
وباستثناء أواخر عهد إمارة الشريف حسين بن علي في الحجاز بعد (الثورة العربية) على الأتراك وابنه علي بعد تنازله له وفي فترة زمنية قصيرة جداً تلقبا فيها بلقب (ملك) ولم يسبق لأمراء الحجازالأشراف على العهد العثماني وماسبقه في العهود (الفاطمية والأيوبية والمملوكية) أن تلقبوا بهذا اللقب..!!
و لتاريخنا الوطني (في عصوره كلها ) الحق في ضبطه وتحديثه بالصحيح المحقق وتخليصه وحمايته من المبالغات .!
وإنه لمن المؤمّل من بعض المؤرخين والأكاديميين المتخصصين المعاصرين في الجمعية التاريخية السعودية القيام بهذا المشروع الحيوي وذلك بدعم دارة الملك عبد العزيز (حارسة التاريخ والتراث الوطني) والتنسيق معها بالدراسات المنهجية البعيدة عن العاطفة وفي المظان الجامعية وفي الإعلام بجميع وسائطه والتصدي بالتنقيح المقنن لبعض فترات عصورتاريخنا الوطني وذلك لصالح الوطن وأجيالنا الحاليّة والقادمة.!