انعدمتِ الرؤية كثيراً حتّى أنّي لا أرى قلبي !
انعدمتِ الرؤية البتّة حتّى أنني لم أعد أعلمُ ما به!
لقد أضعتُ طريق قلبي نظراً و صمّت اذاني عنهُ جزعاً من أمرها!
أنا لا أعلمُ كيف أحتويك بعد كلّ الدّمار الذي أصابك!
أنا لا أعلمُ من أين أبدأ أرممّك بعد كلً التّلفِ الذي أراه بك
و عن خبرتي في مجالّ الطّب والعلوم الفيزيائية فإنّ ندباتك هذه لن يستطيعَ جرّاحٌ على ترميمها وإنّي أرى بك انقطاع الأوتار من كلّ صوب فكيف للطبّ بأن يوصله!
والعجبُ من ذلك أنك لا زلتَ تنبض!
رغم كلّ ذلك التلف انت تنبض .. انت تُدّفق الدم داخلك .. رغم كلّ ذلك الانقطاع الذي أراه في شرايينك أنت تهتزّ في وهنٍ يا قلبي وكأنّك ترفعُ حججكَ أمامَ الله أنّي لم أمتْ بعد كما أمرت!
أني لا زلتُ أحاول الصّمود إلى أن تحلّ ساعة استواء خطّ النبض !
أنّي لا زلتُ بكلّ ألمٍ أهتزّ علّ هذه الدنيا يوماً ترممّ كلّ ما فعلته بي!
لكن يالله لئن حلّت ساعة استواءُ خطّ النبض فاقدم إليّ برحمتك لأحلّ في سلامٍ دائم !
السّلامُ الذي يحلّ بأرواح الشهداء حينما يموتون ينزفون وأرواحهم تنعم بفردوسك!
أنا كذلك!
الرصّاصُ كانَ أدّق من أن يخترق جسدي ثمّ يصلَ إلى قلبي!
الرصاصّ دقيقٌ جداً فلو أنّه توجّه إلى أيّ جزءٍ من أجزاءِ جسدي لتمسّك به لحمي والتف حوله لكي يحمي قلبي! أنا أعلم أنّ أجزاءَ جسدي لا تخونني !
لا تخونني أبداً وإن كانت هيَ المتضررة!
لله عزائك يا قلبي !
هرمتَ وأنتَ في عمر العشرين !
أخشى أنك إن وصلتَ للسبعين تكنْ سعيداً حينما تهرمُ باقي أجزاءُ جسدي فلا تستطع تلبيةَ طلباتك بالمرح واللهو مثلَ ما كنتَ صغيراً
أخشى أنك إن أردت أن تجري تعاتبكَ قدمي بالنحول والضعف انها بالكاد تخطوا خطواتها نحو بيت الخلاء!
أخشى أنك إن أردت أن تأكل الكثير من الحلوى يعاتبك الدمُ خوفاً أن تقتل نفسك بمرض السكري!
أخشى أنك أردت أن تصرخ وتصدر الكثير من الضوضاءِ في مدينة الألعاب لا يكادُ صوتي يعلى على الذي بجانبي فقد وهنت الأحبال الصوتية!
إني أخشى أنك تستعيد شبابكَ حينما يحينُ المشيب
لله عزائكَ أيّها الصغير الذي وهنَ في عمرٍ مبكر!
مودة المحمدي - مكة