عزيزي القاريء .. الحوار الجذاب أحد أهم المفاتيح إلى عقول وقلوب الآخرين ، وهو وسيلة هامة لإدارة العديد من مواقف الحياة ، كما أنه حل للعديد من المشكلات وإدارة الكثير من الخلافات ، وهناك عدة أسرار وأسس ومقومات يقوم عليها الحوار الجذاب الذي يؤثر في الآخرين ويحقق أهداف المتكلم ، وأهم تلك الأسرار ما يلي :
أولا : ترتيب أفكارك قبل البدأ في الحوار : من المهم جدا أن تقوم بترتيب أفكارك قبل الدخول في الحوار مع الآخرين ، وذلك يجعل أفكارك تنساب بسهولة ، وتصل إليهم بترتيب مسلسل ومنطقي ، والترتيب المنطقي للأفكار يعني أن كل فكرة تكمل ما قبلها وتمهد لما بعدها ، وعلامة ذلك أننا إذا حذفنا فكرة ما فإن المعنى يختل ولا يستقيم ، وكلما دربت نفسك على ترتيب أفكارك قبل الحوار مع الآخرين ، سوف تتعود ذلك إلى أن يصبح أمرا تلقائيا لا يحتاج إلى مجهود أوعناء .
ثانيا : طريقة التعبير عن الأفكار : مهما كانت أفكارك صحيحة ومميزة ، فإن قوة أفكارك تكمن في طريقة تعبيرك عن تلك الأفكار ، فكم من أفكار كانت جيدة ورصينة ، إلا أن التعبير عنها بطريقة باهتة وركيكة وغير مؤثرة ، جعلها تفقد قيمتها وتتهاوى أمام أفكار أقل منها في القيمة ، وبالتالي فإن طريقة تعبيرك عن أفكارك هى الملابس التي تزهو بها أفكارك ، وهى "المكياج" الذي تتجمل به أفكارك ، فاحرص دائما على طريقة عرض مميزة لأفكارك.
ثالثا : التحدث بالقدر اللازم : الحوار الفعال مبني على قاعدة هامة ألا وهى "الكلام كالدواء .. قليله ينفع وكثيره يضر" ولذلك يجب أن تتحدث بالقدر اللازم فقط ، حسب إحتياج كل موقف ، لا تظن أن من يتكلم كثيرا هو من يكسب الحوار ويؤثر في الآخرين ، نحن لسنا في حلبة مصارعة ، بل من يتحدث بالقدر اللازم وفي الوقت المناسب هو من يكسب الحوار ، وتذكر دائما أن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا ، وبالتالي يجب أن تدرس جيدا الفائدة المرجوة من كلامك ، فكلمة واحدة قد تقلب الطاولة عليك ، وأيضا كلمة واحدة قد تنجيك من مأزق كبير.
رابعا : تنويع نغمة الصوت : كي تجذب إنتباه الآخرين أثناء حوارك معهم لابد من أن تقوم بتنويع نغمة صوتك ، وأن تستخدم النغمة المناسبة للتعبير عن كل فكرة ، فمثلا الأفكار الحماسية تحتاج إلى نغمة حماسية تدل على الحماس ، بينما الأفكار العاطفية تحتاج إلى نغمة دافئة رقيقة تدل على العواطف ودفء المشاعر ، وعلى النقيض من ذلك ، فإن حديثك بنغمة واحدة (monotone) يجعل حديثك رتيبا يدعو إلى الملل ، ويكون بعيدا تماما عن التأثير في الآخرين.
خامسا : تفعيل الجانب العاطفي : من أهم أسباب نجاح حوارك مع الآخرين تفعيل الجانب العاطفي في تعبيرك عن أفكارك ، بمعنى تغليف أفكارك بغلاف من المشاعر والعواطف ، ويعد ذلك من الذكاء العاطفي في الحوار ، حيث تعطي كلماتك القدرة على التأثير في عواطف ومشاعر الآخرين ، ومن المعلوم أن اللعب على أوتار العواطف والمشاعر ، يفعل في كثير من الأحيان ما لا تفعله الأفكار التي تخاطب العقل والمنطق ، ولذلك خاطب عواطف الناس وداعب مشاعرهم ، فإن كثيرا من قرارات الناس مبنية على الجانب العاطفي وعلى الإرتياح النفسي ، وقد يتنازل الإنسان عن كثير من الأمور المنطقية لمجرد شعوره بالإرتياح لحديث المتكلم ، والعكس صحيح ، فقد يعاند ويتمسك بأمور غير منطقية بسبب عدم إرتياحه لكلام المتحدث.
سادسا : لا تهاجم آراء الآخرين : لا تدخل في صراع مباشر ضد آراء الآخرين ، لأن هذا التصرف سوف يستعديهم وبالتالي ينشب خلاف غير مقصود أصلا ، بدلا من ذلك اعرض أفكارك بطريقة واضحة بسيطة ، وركز كلامك على الموضوع وليس على الشخص صاحب الرأي حتى لا تثير رفض ومقاومة الطرف الآخر لرأيك.
سابعا : لا تقفز على أفكار الآخرين : دع كل طرف من أطراف الحوار يعبر عن آرائه بحرية ، لا تقاطع أحدا ، بل اعطه المساحة التي يريدها ، فقد تستفيد كثيرا من كلام الآخرين ، حيث يعطيك ذلك الفرصة في فهم طريقة تفكيرهم والرد عليها في الإتجاه الصحيح.
ثامنا : لا تتجاهل آراء الآخرين : اهتم بكل ما يطرحه الطرف الآخر ولا تتجاهل آراء الآخرين فإن التجاهل يخلق فجوة كبيرة من الإهمال واللامبالاة ، بينما الإهتمام يخلق جسرا من التفاهم المشترك بينكما.
تاسعا : تقبل نقد الآخرين لك : درب نفسك على الثبات الإنفعالي ، تقبل نقد الآخرين لك واعمل على تركيز النقد على الموضوع وليس على شخصك ، إن فوزك في معركة النقد يحميك من حالات نقد لاحقة ، بينما الخسارة تفتح عليك أبواب نقد كثيرة.
عاشرا : الثقة بالنفس : حافظ على ثقتك بنفسك ، اجعل الآخرين يرون أنك تثق بنفسك وتثق فيما تقول من أفكار ، فإن ذلك يجعلهم يثقون بدرجة كبيرة فيما تقول ، لأن الثقة بالنفس مُعدية تنتقل للآخرين من خلال كلماتك ولغة جسدك.
عزيزي القاريء .. درب نفسك على تطوير طريقة حوارك ، فإن كلمات بسيطة تضيفها إلى حوارك ، قد تغير كثيرا في النتائج ، غير كلماتك يتغير عالمك ، حياكم الله.