بينما كنت أمشي متفكراً في هذا الكون وأسراره وتلك الأيام التي مرت بي على عجل وإذ بها رحلت جميعها بلا استئذان أو عودة.
لم أعد أراها سوى تحوم في أحلامي وذكرياتي.
هكذا هي الدنيا نعطيها أكبر من حجمها
لا أدري لما نحزن مما فات منا ونعكر صفو ما نحن فيه من لحظاتنا.
لا أنسى إبتسامة رجل حكيم تألم كثيرا قبل موته ولم تغب عنه فرحته وكأنه سيدخل باباً ينتظره أحباء افتقدهم كثيراً.
أقتربت منه على استحياء وهو طريح الفراش لألقي عليه سلام الله الحكيم.
ودعني بكلماته الأخيرة والبسمة تطفو على ملامحه.
قال لي :" يا بني خذ مني تجربتي في هذه الدنيا"
أخذ بيدي الناعمتين ليضعهما على صدره ثم أردف قائلاً
إن نبضات قلبي المتسارعة هي خير ما بقي لي.
فسأحدثك حديثاً سمعته من راهب، فإجعله قبلتك.
إبتسم لي وبدأت ملامحه تتمتم قصة لا أنساها ما حييت فقد كانت وقودي لأيام القاسية.
يا ولدي كان هناك المسيح عليه السلام في أرض المقدس ويحيط به حواريوه ليتبركوا منه ويسمعوا كلماته المقدسة وبينما هم يَعبرون على حافة طريق إذ بحمار قد نفَقَ.
بدأ الحواريون يلقون كلماتهم تلك على حَسَبِ تفكيرهم وشخصياتهم.
والمسيح صامت يسمعهم.
فأما الصاحب الأول فقال يا إلاهي ما أبشع رائحته!!!
ثم قاطعه آخر ليصفه بأحقر الأوصاف.
ثم قال آخر أنظروا كيف أكلته الديدان من أحشائه.
واسترسل الجميع في أوصافهم لهذا المخلوق إلى أن ألقى المسيح عليه الصلاة والسلام دلوه قائلاً : يا أبنائي ألا ترون بياض أسنانه ما أنصعها "
وهكذا هي الدنيا يا بني فلا ترى فيها إلا ما يعكسه تفكيرك وفؤادك من خير وإيجابية.
فاستمتع بها وانظر إليها بعين الرضى والقناعة والإبتسامة.