الأمن مطلب أساس لجميع الناس، لاسيما ونحن نعيش عصرًا مدلهمًا بالمتقلبات الفكريَّة، والتحدِّيات السياسيَّة، والمجتمعية، والمؤثِّرات الثقافيَّة. وبغير هذا المبدأ، فإنَّ السعادة التي ينجرّ إليها بعض المخدوعين خلف بصيصها، لا تعدو أن تكون مُجرَّد سراب، يحسبه الضمآن ماءً؛ ولكي تكون الفكرة واضحة، فإنَّ أهم مقاصد الشريعة الإسلاميَّة، وما ترمي إليه من خير للبشرية جمعاء، هو الوقوف صفًا واحدًا ضد أيّ عبث بمقدرات الوطن؛ حتَّى تتطابق نتائج حكمة الحفاظ على أمن الوطن مع مبادئه. ويتجلَّى ذلك في الهدف الأساس، الذي ترمي إليه أحكام الشريعة، ولذلك تكون وحدةُ الكلمة سبب كلِّ خيرٍ، والفُرقةُ والخلاف سبب لكل شرٍّ.والكل يعرف بثقافته بأن الظروف المحيطة بنا،وما يجري حولنا من أحداث متسارعة، وتجاذب القوى بين عدد من دول المنطقة في الوقت الراهن، تستلزم لمّ الشمل، وتوحيد الصفِّ، وبذل الوسع في ترابط خليجنا الواحد بكل قوة ليدرك أعدائنا مدى ترابطنا وقوة كلمتنا.
فالسعودية من واقع ما بوأها الله من منزلة عظيمة، وما مكن لها في خدمة الحرمين ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم لتستشعر دورها الريادي في لم الشمل وتوحيد الصف واجتماع كلمة المسلمين ليتوحدوا في جهودهم ويتضافروا في مجهوداتهم كما هم متوحدون في قبلتهم وعبادتهم ولقد كان ولا يزال جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم من أولويات المملكة وهاجسها الأول إذ يستشعر ولاة أمرها مايترتب على الاجتماع والوحدة من قوة وعز وتبوء لمكان الريادة،والذي اريد قوله في مقالي هذا الاختلاف وارد ويحدث في البيت الواحد، بين أفراد الأسرة الواحدة في اي وقت، قد يمتد هذا الاختلاف، وقد يَقْصُر، وربما كانت له أسباب، بموجبه نشأ هذا الخلاف، ولكن عندما تحضر الحكمة من مملكة الحكمة، ويأتي التفكير السليم، وتتوحد النوايا باذن الله ،ستعود المياه إلى مجاريها، مهما كانت الأسباب لاننا اسرة واحدة وخليجنا واحد. نعم في دول مجلس التعاون حدث الخلاف بين قطر وكلٍّا من المملكة والإمارات والبحرين، وتطوَّر الخلاف إلى قطع العلاقات، وأنقطع حبل التواصل فيما بيننا بإغلاق الأجواء والحدود، ولكن اليوم، وفي بادرة حسن نية، خطت المملكة خطوة شجاعة، تقدر عالياً لهما، بعقد هذه الدورة من قمم المجلس في أراضيها، والإعلان عن قرار مهم سابق لعقدها وهو فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين المملكة ودولة قطر؛ حرصاً من الرياض على وحدة الصف الخليجي ولله الحمد،وأخيراً وما هذه القمة إلأ دليلا على حنكة وحكمة قيادية لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله لجمع الشمل وتوحيد المواقف ومواصلة مسيرة البناء وتحقيق مصالح شعوب المنطقة.
*همسة*
إن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدها، من التعاون على البر والتقوى، كما أن بالافتراق والتعادي يختل نظامهم وتنقطع روابطهم ويصير كل واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ونسأل المولى ان يوحد صفوفنا ويقوي خليجنا .
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)
monshiaa@gmail.com
التعليقات 2
2 pings
أبو مازن
07/01/2021 في 8:47 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يا استاذ/عبدالرحمن في تنوع مقالاتك وفقك الله.. نعم نحن في حاجة ترابط خليجنا لنغيظ الأعداء ويحسبو لنا الف حساب.
RK
08/01/2021 في 1:06 م[3] رابط التعليق
مقال رائع.
يعطيك العافية