مما لا شك فيه أن التلطف في الحديث يفعل أكثر مما يفعل العنف، كما أن اللين والرفق في الكلام يلين القلوب القاسية والكلام القاسي أو شديد اللهجة يقسّي القلوب التي أنعم من الحرير. يقول تعالى:{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }
وهذا ملاحظ إن الناس ينفرون بطبائعهم من الفظاظة والخشونة وعنف الكلام ويألفون الرقة واللطف في الحديث وقوة الإقناع دون انفعال أو غضب بالرغم وجود قاعدة من القواعد المهمة في باب التعامل بين الناس، وهي قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مَأْلَفَةٌ (يعني يألف الناس ويألفونه) ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» نعم أن الألفة تحتاج منك إلي شي من الصبر والتضحية، والتنازل عن بعض الحقوق، وعدم الجدال في بعض المواجهات ولو كانت قوية أحياناً بين الأخوان. وأما الجلافة مع الناس في التعامل معهم، وهذه ظاهرة منتشرة في اكثر المجتمعات، وكلنا يعرف ذلك ويفهمه ولا داعي للتفصيل في مظاهره وأشكاله. فكم من شخص هدانا الله وإياكم تجده جلفاً في التعامل حتى مع نفسه، ووالديه، وأهله، وأولاده، حاملاً لهم عصاه الغليظة، لا يسمعون منه إلا الكلمات الشديدة، والعبارات القاسية التي نزعت منها الرحمة والشفقة والليونة ولماذا هذه كله؟ سبحان الله ياأحبتي ألم ترو كم من أناس عندهم من الجلافة في النصح والتغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يجعلك تشمئز من عملهم، وتكره تصرفهم، وإن كان في أصله طاعة وخير، ولكن بسبب جلافتهم في أدائه تحول من خير إلى شر، ومن عمل ممدوح إلى عمل مذموم. وأخيراِ ماأجمل من المؤمنون أهل طاعة فإنهم أهل رحمة وشفقة، وقلوبهم تحمل من الرحمة والمحبة والشفقة والبعد عن الجلافة الشيء الكبير. يقول الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾
*همسة*
لا تشك من معاملة الناس لك ابداً، لأن هذا من صنعك أنت.
التعليقات 1
1 ping
د. عاطف منشي
25/02/2021 في 9:48 م[3] رابط التعليق
أحسن الله إليك أخي الحبيب أبا ياسر على مقالك وكلماتك وحسن اختيارك للمواضيع التي تمس مجتمعنا، ومنها صفة الخلق الحسن.
والذي أشاهده ويشاهده الكثير منا أن الأمر تتطور من سوء الأخلاق إلى الحقد والضغينة وهذا سببه هو سوء الظن والشكوك والريب وإذا ساء ظن المرء ساءت فعاله وتحولت إلى أحقاد وضغائن والعياذ بالله، لذلك قال المولى عز وجل:
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱجۡتَنِبُوا۟ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمࣱۖ وَلَا تَجَسَّسُوا۟ وَلَا یَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَیُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن یَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِیهِ مَیۡتࣰا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابࣱ رَّحِیمࣱ)
وقال عليه الصلاة والسلام :
(إياكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث)
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا، لأنَّه حديث النفس، وإنما كان الظنُّ أكذب الحديث؛ لأنَّ الكذب مخالفة الواقع من غير استناد إلى دليل أو أمارة، وقبحه ظاهر لا يحتاج إلى إظهاره.
وقد قيل:
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ
وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ
وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ.
هدى الله الجميع لمحاسن الأقوال والأفعال.