أيام قليلة ويَهل علينا هلال شهر الرحمة والخير والبركة شهر رمضان المبارك نسأل الله أن يبلغنا إياه، وأن يبارك لنا فيه، ويعيننا على صيامه وقيامه .
ومهما بدت الأزمنة متماثلة إلا أن لشهر رمضان مزايا تُكسبه خصوصية وروحانية وحالة رحمانية خاصة ...
قال صلى الله عليه وسلم :
" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين"
روحانية تغشى الصدور والأفئدة، وتظللها بظلال مهيبة حانية ... وتجعل إقبال الناس فيه على الأعمال الفاضلة كبيرًا، فكان في هذا الشهر نزول الكتاب الذي هو منار الهداية، ومطلع السعادة؛ كما قال تعالى :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}
وإن شهراً ينزل فيه كتاب يملأ العقول حكمة، والقلوب طهارة، لذو طلعة مباركة بلا ريب شهر نفحاته لا تنضب ولا تنتهي فلنتعرض لها عسى الله أن يشملنا ويعمنا ببركات هذا الشهر العظيم.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر على العالمين؛ يأتي رمضان كنسمة رحمة وعطف حانية من الرحمن على عباده المؤمنين، ليقويهم، ويجدد إيمانهم، ويشحن قلوبهم التي تعبت وأُرهقت في متاهات الحياة، قال صلى الله عليه وسلم عن فضل رمضان :"من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه"
فشهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، وتجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات.. وما أجمل أن نكون منهم!
ومع كل هذا الفضل، إلا أن لصوم رمضان فضائل عديدة ذكرها ابن باز رحمه الله فقال : من فوائد الصوم أنه يُعرّف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه، ويذكره بعظيم نعم الله عليه، ويذكره أيضًا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذكر شكر الله سبحانه، والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنكتسب التقوى، فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى، والتقوى هي : طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه محبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه، فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى، وقربى إلى المولى عز وجل، ووسيلة قوية إلى التقوى في بقية شؤون الدين والدنيا."
و من الجدير بالذكر ما لهذا الشهر من فوائد جلية على الجسد كما للروح؛ فمن خلال الامتناع عن استهلاك الطعام والشراب طيلة النهار، يصبح الجسد قادرًا على التركيز في التخلص من السموم، حيث يحظى الجهاز الهضمي بقسط من الراحة، كما كشف خبراء التغذية أن الصيام يحمي خلايا الدماغ، ويمكن أن يقلل من الاكتئاب والقلق، وكذلك يقلل من خطر الإصابة بالخرف. فرمضان شهر غذاء للروح والجسد وليس الروح فقط، فالحمد لله على نعمة رمضان التي اختصنا بها، نسأل الله أن لا يحرمنا منها، وأن لا ينقضي هذا الشهر إلا وقد انكشفت الغمة بزوال جائحة كورونا عن البلاد والعباد، وعم الأمن والخير بلادنا وبلاد المسلمين إنه سميع مجيب.
بلغنا الله وإياكم هلاله وتقبل منكم الصيام والقيام وصالح الأعمال