الكاتب : حسان قاضي
غربة الروح أصعب من غربة الوطن لأن الروح هي موطن السكن والسكينة، ماذا لو أن الأحباب رحلوا عنها وأخذوا لُبَّها ليتركوها غارقةً في وحل الغربة!
ما الذي يُعمرها بعد أن ذهب قاطنوها وتخلوا عنها وعن أُنسها وتوحشت دونهم!
هكذا هي الأفكار والمعتقدات الأصيلة هجرت عقولنا وأفئدتنا بالتالي شعرت أرواحنا بغربة عجيبة، زمنٌ اختلت فيه الموازين أصبح الصديق عدواً والعدو صديقاً وأصبحنا نرى افعالاً مستغربة ومستهجنة لم تكن لتصدر سابقاً في مجتمعنا، لأن الثوابت تزعزعت وتفتت بفعل رياح التغيير العصرية التي ليست بالضرورة أنها خاطئة ولكننا أخذنا قشورها وتركنا اللب الأهم وهي أن فكرة الحرية إعمار الفكر لا هدمه.
سأعطيكم مثالاً للتقريب: سهولة وصولنا للمعلومات والأخبار شيء عصري ورائع، لكننا تخلينا عن مبدأ المصداقية والموثوقية على حساب اللهث وراء اللمعان والبريق الذي يصدره ناقلوا الأخبار المكذوبة والأفكار الهدامة فأصبحت النتيجة أن الحصيفين يعيشون غرباء في زمن الفوضى والأفكار الغريبة على ثوابتنا.
لا أنفي وجود أفكار عصرية جديرة بالاتباع وإحلالها محل قديمةٍ كانت خاطئة او لا تتناسب مع تسارع التقدم والتطور ولربما ستأخرنا سنيناً أخرى عن طموحاتنا وآمالنا المستقبلية.
لكن التساؤلات الذي تحتاج التأمل هي: هل تستحق أرواحنا العيش في غربة من أجل اتباع أهواءنا التي خُيِّل إلينا أننا حُرمنا منها سابقاً؟ هل اذا امتلكنا حرية القرار والاختيار سنختار جادة الصواب لنكسب أرواحنا ومكتسباتنا الأصيلة على حساب عواصف التغيير التي أصبحت تأكل الأخضر واليابس؟ بمعنى آخر هل ثمن الحرية هو الانسلاخ عن صالح الأمور على حساب سفاسفها؟
أعتقد أننا نحتاج وقفات مع النفس لأنه من المفترض بعد تحرر العقول والأرواح أن تصبح أكثر صفاءً وشفافية، بالتالي أسهل انقياداً للحق والعودة إلى الفِطر السليمة والأخلاق الحميدة الرحيمة، لنعود لما كان عليه أجدادنا -قبل أن نُختطف المرة الأولى- من أصالة وتأصيل للثوابت المعروفة مع حلةٍ عصرية فتسأنس أرواحنا أخيراً بدفءِ الماضي مع نفحاتِ تطور الحاضر.
التعليقات 1
1 ping
ابو رعد
21/06/2023 في 12:20 م[3] رابط التعليق
كتابه رائعه وتسلسل مذهل ماشاء الله تبارك الله