أ/ جابر ملقوط المالكي
جبل يرتفع، يعلوه رجال كالجبال، تقاسموا مع الطبيعة أسرار الجمال
وفاضوا أخلاقا عالية ، وسجايا كريمة، وصلوا بها حدا يفوق الوصف
ذلك الجبل (فيفا)، وهج الليل، وأغاني النهار، أنفاس النسيم العليل
وتقاطيع الوجه الجميل، والباقة يحزمها الخميل، اكتنز بالعديد من الكنوز أظهرها(رجاله) الأوفياء من أرباب الملة النجباء والشعر والنثر البلغاء، وذوي الكرم والسخاء، ممن لهم في الحياة محطات تجليهم، ومفاصل تبديهم، ومنهم الشيخ/ مصلح بن فرحان الفيفي
والذي وافاه القدر مع ولده/خالد -يرحمهما الله- أثناء ارتيادهما إحدى
طرق الموت المهداة للقطاع الجبلي من مهندسي غفلة الطرق الملتوية والتي يرونها لسبب أو لآخر غاية الاستواء في قمة الانحناء، ويعدونها من أسباب التعمير وهي تعج بحفر التدمير!!!
نعود لعلمنا -يرحمه الله- والذي وسعني قلبه وصحبة لي ضيافة وكرما، في وقت كنا في أمس الحاجة للقمة تهبنا الحياة، وتمنحنا
الدفء، وتغمرنا بمشاعر الحب والأبوة، كنت عام(١٤٠٧)ضمن جملة طلاب من (الداير) ندرس في (ثانوية فيفا) العامرة، وتصادفت الدراسة تلك السنة مع حلول شهر رمضان المبارك،وكنا نعاني وقت الفطور
من عدم المعرفة وندرة المطاعم، فكنا نؤلف مانراه حينها شهيا!!!
وتشرفنا بزمالة ابنين لهذا العلم هما:
صاحب البسمة والبشاشة والأصالة/ يحيى بن مصلح الفيفي
وذي الهدوء والرزانة والمعرفة الأستاذ/ أحمد بن مصلح الفيفي
واللذين ساقا لنا رغبة الوالد -يرحمه الله- في الإفطار عندهم
فاستجبنا لتوافق الأمر مع مفقود موجود، وذهبنا على قدر
فوجدنا حاني البسمة ولطيف المعشر من ذلك الوقور ما جعلنا
نفطر روحيا قبل الأذان، ارتاحت قلوبنا ونسينا البعد عن أهلنا
وتناولنا ما لذ وطاب، جعل الله ذلك كله في موازين حسناتهم
جميعا.
هذا المشهد ظل محفورا في ذاكرتي ليتحتم علي اليوم ذكره لا لشيء غير التذكير بفضل لفاضل، ومنقبة لنقيب، ونعمة لفقيد- يرحمه الله وابنه وأموات المسلمين والمؤمنين- ويحسن العزاء فيهما لفيفا
ولمن أتى لفيفا أعياه الفراق، وأوحشته الدار، وأضناه البعد، وألهم الله الآل وسائر المحبين الصبر والسلوان،و(إنا لله وإنا إليه راجعون).