نهى هاني أبوزيد
كمن يحمل في يديه نووي يجهل قيمته وقوته . .
كطفل يحملُ في يديه مسدسًا حقيقيا يظن بأنه لُعبة . .
كرجل يحملُ في يديه حجرًا كريمًا يحسبه حجرًا عاديًا . .
هذا أنا . . أحمل بيدي سلاح الكلمات وأجهل قوتها وقيمتها وجديتها وحقيقتها وغلاءها!
هذا ما علمتهُ بعد أن دمرتُ بسلاحي هذا شيئاً ثميناً حرصتُ على حمايته، لأن جهلي بمدى قوة تأثير ما أملك جعلني أخسر . .
كُنت أحسبُ أن الكلمات لا ترفع ولا تخفض، لا تكسب ولا تخسر، لا تفعل شيئاً مجرد كلمات لن يأخُذها القارئ على محمل الجد ابدًا، وأن لا أحد يهتم بالكلمات غير الكُاتب، وأن القارئ همه أن لا يجد خطأً إملائياً فقط، كي لا يبدأ بالاستخفاف والاستهتار بالكاتب الذي سينعته حتما “بالفاشل”!، ولكن لم يكن ذلك صحيحًا البته، لأن الكلمات هيا المنجية والمُغرِقه للجميع، إما أن تُلصقك بالقاع وإما أن ترفعُك للسماء، وحتماً لها وقع بقلب القارئ إن كانت من قلب الكاتب، وأن ما يُثير استهتار القارئ بالكاتب هو انجراف خياله بالتيار المعاكس الذي هو أقرب للخجل السلبي المعيب أثناء قراءته وتدني مستوى الكلمات حتى ولو كانت بلا خطأ إملائي، وأن يحيل على الكاتب تصنيف رسائله! فرسائل الصديق ليست كرسائل الحبيب، ورسائل الكبار ليست كرسائل الصغار، ورسائل العائلة ليس كرسائل المارة، وكتاب يقرؤه كُل من عبر المكتبة ليس ككتاب لا يقرأهُ إلا شخصُ واحد!، أظنُ أن الكُتاب جميعُهم يُعانون من كُل ما سبق ذكره وأظنُ أن أكبر مأساة للكُتاب هو خذلان كلماتُهم لهم وأصعب ما يواجِهونهُ أثناء الكتابة هو التحكم ببلاغتهم العميقه على حدود من سيقرأ لهم او من سيرسلون له الرسالة، واخيراً نحنُ جميعاً كُتاب كُنا أم غير ذلك “كلماتُنا تخفض وتُعلي شئنُنا” لذلك فلتحرصوا دائماً على كُل ما يُخرج من أفواهكم وما يسيل من حبر أقلامكم وإن صعبُ عليكم الاتزان والتوازن في الكلام فالأفضل هو الانسحاب والتراجع عن الكلام لتسلموا، وإياكم أن تسمحوا للكلمات باغتيالكم بجهالة كما اغتالتني! ولكنني لستُ ألومُها، إنما ألوم نفسي لجهلي بِها وعدم معرفتي لها باكراً . .
فإياكم وجهلَ الكلمات!
إياكم واللعبَ بالنار!
إياكم وجهل ما تملكون من قوة!.