خبر عاجل _ محمد الخبراني _ مكه المكرمه
التواصل الاجتماعي هو…
عملية اتصال وتواصل والتقاء بين الأفراد والمجموعات مع بعضهم بعضاً، سواء كان هذا الاتصال والتواصل بطريقة مباشرة أي من خلال المواجهة الذاتية والشخصية، أو غير مباشرة من خلال مجموعة من الأدوات والطرق والسبل التي تسهل من عملية الاتصال بين الأفراد والمجموعات.
شبكات التواصل الاجتماعي.. بين الماضي والحاضر:
لا شكّ أن شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة قد لعبت دوراً بارزاً وأصبحت جزءاً هاماً وأساسياً في حياة الأفراد والمجموعات في المجتمعات الإنسانية الحديثة والتي اعتبرت إحدى أبرز وسائل التواصل غير المباشر بين الأفراد والمجتمعات. وقد قامت التكنولوجيا الحديثة وبالتحديد تكنولوجيا الاتصال والمعلومات بدور فاعل ومؤثر في حياة الإنسان على كافة المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والدينية، والإعلامية، والثقافة العامة.
وتعد شبكات التواصل الاجتماعي الوسيلة التي تكسر الهوة الزمنية والمكانة للأفراد والمجموعات، ووسيلة يستطيع الفرد من خلالها أن ينقل أفكاره، وآراءه، ومعتقداته، وقيمه والمعلومات التي يمتلكها لمن يريد وفي الوقت الذي يريد بطريقة سهلة وميسرة، مختصرة للوقت والجهد، ومقربة للمسافة الجغرافية بين الأفراد والمجتمعات. ولذلك تم اعتبار هذه الوسائل من أدوات عملية التغيير الاجتماعي والثقافي، والتي أسهمت بشكل كبير في إحداث نقلة كبيرة في مستوى العلاقات والأدوار الاجتماعية في المجتمع المعاصر.
فأسهمت التكنولوجيا الحديثة في استحداث مجموعة من الأدوات والوسائل للتواصل الاجتماعي والتي لقيت تجاوباً سريعاً من الأفراد التي تعددت فيها طرق استخدامها ووسائلها المتاحة. فقد لقيت وسيلة التواصل الاجتماعي “تويتر”، على سبيل المثال، تصاعداً كبيراً تجاوز كلّ حدود السرعة في الانتشار، وسبقها كذلك استخدام “الفيس بوك” بالسرعة والانتشار والتأثير.
وكذلك هناك ما يسمى باليوتيوب، ورسائل التواصل النصي SMS عبر بعض البرامج، وهناك أيضاً ما يسمى بالمنتديات Forums، والمدونات Blogs ونت لوج Netlog وماي سبيس، ولينكد إن LinkedIn وهاي فايف Hi5 وغيرها من البرامج المتعددة والمتنوعة المستخدمة.
وهناك من يقسم شبكات التواصل الاجتماعي إلى أنواع والتي تصنف بالمشاريع التعاونية مثل ويكيبيديا Wikipedia، ومدونة أو المدونة المصغرة مثل تويتر Twitter، ومجتمع المحتويات، مثل اليوتيوب YouTube، ومواقع شبكات اجتماعية، مثل الفيس بوك Facebook، وعالم الألعاب الواقعية مثل World of War Craft، ومواقع عالم الواقع الاجتماعي مثل Second Life. فقد أصبحت مثل هذه الشبكات المرآة العاكسة لحياة الناس والأفراد يعبرون من خلالها عما يريدون وبطرق متعددة ومتنوعة وبوسائل تخصصية.
الآثار الإيجابية لشبكات التواصل الاجتماعي:
لا شكّ أنّ هناك العديد من الآثار الإيجابية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فهي تقرب من المسافات المكانية الاجتماعية بين الأفراد مهما ابتعدوا عن بعضهم بعضاً إلى جانب سهولة الاستخدام التي أثرت بشكل كبير على سرعة انتشار المعلومات والتواصل الاجتماعي بين الأفراد. فهي وسيلة مميزة للتواصل الاجتماعي العام ولنقل وتبادل المعلومات داخل المجتمع متخطية الحدود المكانية والأساليب التقليدية التي من الممكن أن تأخذ وقتاً وجهداً أكبر.
بالإضافة إلى أنّها تعتبر وسيلة إعلامية مميزة لنقل الخبر وتحليله وتكوين بعض من الاتجاهات الفكرية حول ما يتم طرحه من قضايا تجعل من المستخدم يسهم بشكل مباشر في تكوين رأيه، ويشارك بفعالية فيه. كما انّها من الأدوات التوثيقية الهامة، والتي من خلالها يمكن الحصول على العديد من المعلومات الأرشيفية لا يمكن الحصول عليها بالسهولة نفسها في أماكن أخرى.
الآثار السلبية لشبكات التواصل الاجتماعي:
أجريت عدة دراسات ميدانية تهدف إلى قياس العلاقات الاجتماعية والسلوكية باستخدام هذه الأدوات التقنية وتأثيرها على السلوك الإنساني. فقد تحدثت بعض الدراسات عن الأثر السلبي للإفراط في استخدام هذه الوسائل والذي قد يؤدي إلى درجة من درجات الإدمان، كما تناولت دراسات أخرى أثر الإفراط في استخدام الإنترنت بشكل عام على ما يسمى بالعزلة الاجتماعية والوحدة والانطوائية وترك الحياة الاجتماعية الواقعية واللجوء إلى العالم الافتراضي بدلاً من العالم الحقيقي في التواصل الاجتماعي، فكلما زاد التواصل الافتراضي قل معه التواصل الحقيقي وزادت معه عزلة الفرد الاجتماعية. كما ربطت مجموعة من الدراسات بتأثير هذه الوسائل على بعض المشكلات النفسية مثل القلق والاكتئاب نتيجة للإفراط في الاستخدام.
ولا شكّ أن تناول مجموعة من الأخبار الكاذبة ونشر الإشاعات، وتقويض بعض من المقومات الأساسية للمجتمع وإحداث بعض الفتن والتأثير على حياة واستقرار المجتمع قد تكون في مجملها وليدة لسوء استخدام مثل هذه التقنيات يساعدها عامل سرعة الانتشار للخبر والمعلومة بهذه الوسائل، وامتلاك واستخدام العديد من أفراد المجتمع لها.
بالإضافة إلى ما يمكن أن تسببه هذه الأدوات من تشجيع لبعض من السلوكيات الخارجة عن الأطر الأخلاقية، وتبني بعض المفاهيم الغربية الخارجة عن ثقافة المجتمع نتيجة لتغلغل المضمون الغربي داخل هذه الوسائل وصعوبة الحد منها.
أولادنا… وشبكات التواصل الاجتماعي:
مع تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال دخلت علينا مفاهيم جديدة في فترة زمنية قصيرة، فنتجت عنها ظواهر اجتماعية تحدث لأوّل مرة في واقعنا الاجتماعي يجب استيعابها وهي:
1- أنّ العالم يشهد جيلاً يتفوق فيه الأبناء على الآباء في المعرفة، حتى أنّ أسئلة الأبناء للآباء صارت اختبارية وليست معلوماتية، فصار الطفل اليوم يسأل والديه ثمّ يفتح شبكة الإنترنت ليتأكد من صحة جوابهما.
2- إنّ الأسرة لا تجد وقتاً للتربية وإنما هي مشغولة طوال اليوم في العديد من الأعمال منها الأكل والترفيه ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي.
3- تعيش الأسرة في ديون كثيرة تقترضها وتصرف من دخلها على الأمور الاستهلاكية اليومية والترفيهية أكثر من الأمور الرأسمالية والتي تعود عليها بالنفع في المستقبل.
4- لأوّل مرة ينقسم الجيل الواحد في المجتمع إلى عدة أجيال، ففي السابق كان لدينا ثلاثة أجيال واليوم في الجيل الواحد ثلاثة أجيال وكلّ جيل له لغته ومفاهيمه حتى لو كان بين الأخ وأخيه خمس سنوات تشعر من خلال حديثهما كأنهما جيلين منفصلين.
كلّ هذه المفاهيم تدعمها وتروج لها المجتمعات الافتراضية على النت، ويتبناها الأبناء ثمّ نكتشف بعد مدة أنهم ليسوا نتاج تربيتنا، لذا فهناك حلول عملية لتجاوز هذه الفجوة الرقمية بيننا وبين أبنائنا وهي:
1- أن يعيش الوالدان عصرهما من خلال متابعة الجديد وقبول أن يتعلما من أبنائهما.
2- أن تتبنى الأسرة دور التفاعل الواعي مع المجتمع وقضاياه الفكرية والاجتماعية المطروحة وعدم عزل الأبناء عنه.
3- الاهتمام بالتثقيف الديني والتركيز على الإيمان وتزيينه في قلوب الأبناء، فهو العاصم الذي يحفظهم من الانحراف التكنولوجي.
4- التركيز على الحوار مع الأبناء والاستماع لهم ومناقشتهم وتفهم آرائهم.
5- التركيز على مفهوم القدوة الوالدية حيث إنّها تختصر المسافات التربوية.