لا شك أن توقير الكبير عدا عن أنه خلق ومبدأ سامٍ دعى إليه ديننا الحنيف فهو فن ورقي و عظيم رحمة وكثير عطف و شفقة ، و ليس أقلها رد الجميل ومجازاة الإحسان بالإحسان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ) رواه الترمذي .
من أهم وأخطر المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان هي مرحلة الكبر في السن لما يرافقها من أمراض وتغيرات نفسية ووهن جسد و تنوع وتعدد الأمراض .
وغالبا تكاد لا تخلو عائلة من وجود الوالدين أحدهما أو كليهما لفترة من الفترات طالت أم قصرت .
ولا شك أنها تتطلب اساليبا للتعامل معها ووفقها
ففي حين استنزف الوالدان شبابهما في بناء الأسرة وتربية وتعليم الأبناء وتأمين مستقبلهم حتى يشتد عودهم يصيرون بعدها بحاجة لمن يدعمهما عند كبر سنهما وضعف قوتهما .
ويعتبر كبر السن وما يتعرض له الانسان من تغيرات و تبدل أحوال ، سنة من سنن الحياة والتي أشار إليها الله عز وجل في كتابه العزيز حين قال:( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) الروم٥٤ .
وقد أوصى الله عز وجل برعايتهما وبرهما، والاحسان إليهما مباشرة بالعطف على الأمر بعبادته وحده وإخلاص العبادة له وحذر من التبرم منهما ولو بكلمة أفٍ قال تعالى: ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) ٢٣-٢٤ الاسراء .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يُجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )
وقد انتشرت في العديد من البلاد دور رعاية المسنين لتخلي أبناءهم عن واجباتهم والتزاماتهم نحوهم بدعوى الانشغال بالعمل أو صغر المنزل او لتجنب الاحتكاك والمشاكل اليومية أو عدم القدرة على احتمال متطلبات العناية بهم، بينما تكاد لاتكون موجودة في بلادنا ولله الحمد .
كل انسان إن كتب له عمرا سيبلغ مرحلة كبار السن
الذين يحتاجون إلى معاملة خاصة، وإلى رعاية وإهتمام كبير.
من المظاهر التي تبدو على كبار السن :
١- سرعة الغضب كما الأطفال حتى تكاد تكون غير قادر على فهم بعض مطالبهم،
٢- الشعور بالحساسية العالية عند التعامل مع الآخرين، أو بأنه قد أثقل على من حوله.
٣- سرعة الإصابة بالملل و بالوحدة والحزن،
ولذا هم بحاجة إلى أشخاص يتعاملون معهم بحب وحنان، قادرون على فهمهم وتحمل تصرفاتهم، وجعلهم يشعرون بالراحة والأمان.
لذا لا بد من المعاملة الطيبة معهم ، مع توفير ما يحبونه، ومعرفة ما يسعدهم كالمشاركة ببعض الأنشطة والهوايات ليشعروا بالسعادة والفرح، كما يسرهم جدا إستشارتهم في بعض المسائل والعمل بنصيحتهم حيث أنه لا يزال لهم دور في حياتنا ، وأن رأيهم ذو أهمية لنا -اضف الى ما يمتلكونه من بعد نظر والقدرة على الحكم على الأمور بحكمة لخبرتهم في الحياة - مع ضرورة تخصيص وقت للجلوس معهم يوميا والإستماع لهم بإهتمام حتى لو كان الحديث مكرر ، إستمع دائما إلى شكوتهم وحاول استبعاد الأمور التي تجعلهم في ضيق .
الخلاصة :
إسمع- شارك- إبتسم - أصبر- أشكر
في حديث مرفوع عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ )