جمال بنت عبدالله السعدي
كثيرا ما يتساءل الناس أين نذهب بأبنائنا في الصيف وفي الاجازات ولدى زيارة المدن سواء داخليا او اقليميا او دوليا .
وتعتبر ثقافة المتاحف ثقافة عالمية تعتبر هامة لأنها تمثل أحد أهم الركائز ومحاضن التراث والتاريخ الحضاري للأمم، وتقف شاهدة على تاريخ الأمم ، بها تحفظ الوثائق والصور والمتعلقات الشخصية لأهم الشخصيات والرموز في الدول، وكذلك المقتنيات والادوات التي كان يستخدمها الاجداد، والتي تكتسب قيمتها المادية والمعنوية مضاعفة مع مرور الزمن .
وقد حظيت المتاحف بالمدينة المنورة بعناية رسمية وعلى الصعيد الفردي فتتاغمت وتكاملت وتمايزت في معروضاتها ومقتنياتها واساليب العرض والتدوين والتعريف بها على نحو غير مسبوق .
وبما أن المدينة عاصمة السياحة الإسلامية لعام٢٠١٧م ونظرا لما تحتله المدينة المنورة من مكانة عريقة بالتاريخ الإنساني عامة والاسلامي خاصة وتكاد تكون هي ذاتها متحفا تاريخيا مفتوحا للمدى يشهده الناظر والعابر في طرقاتها يتلمس ارواحا عبرت هنا واتكأت هناك، ويستشرف موقعة عز فيها دين الله ودحرت اركان الكفر والشرك، ويتناغم مع روحانية المكان فيتحرى مواقع قدم سلكت مداخلها، واستظلت بساتينها وشربت من ماء آبارها واغتسلت بها .
هذا على الصعيد العام، اما على صعيد المتاحف المتخصصة فتذخر المدينة المنورة بالعديد من المتاحف الرسمية والخاصة التي اجتهد اصحابها في تأسيسها بحب نابع من عشق هذه الأرض والانتماء لها، وعبق تاريخها وحفظا لأصالتها وتوثيقا لحقب مرت بها حتى هذا اليوم .
ومن أهم المتاحف متحف دار المدينة والذي أسسه المهندس عبد العزيز كعكي الحائز على جائزة الملك فيصل في الدراسات الاسلامية عام ١٤٣٦ هـ حيث اهتم بمراحل تطور مدينة الرسول عليه السلام قبل وبعد النبوه، والغزوات فيها.
كما جسد التراث العمراني والاصالة الحضارية لطيبة الطيبة وصولا للعهد السعودي الزاهر، ومتحف الشيخ سلامة الجهني والذي يحتوي على العديد العديد من المقتنيات القديمة من أجهزة ومعدات وأدوات وعملات وكتب تعليمية أثرية وما لا يتسع المجال لذكره .
وايضا يوجد متحف محطة قطار الحجاز الغني بالمقتنيات أبرزها القطار والعربات التي كانت تنقل الحجاج من والى بلاد الشام والصور القديمة ونماذج من الملابس الشعبية للنساء بالمدينة المنورة، والاسلحة الأثرية، وأدوات الطعام والفخاريات، والاحجار الكريمة المستخرجة من أرض طيبة الطيبة .
ويقع جوار محطة قطار الحجاز متحف دار القلم، وجوار الحرم النبوي الشريف يقع متحف السيرة النبوية و معرض القرآن الكريم، ومتحف عمارة المسجد النبوي الشريف، كما يوجد معرض مأرز الايمان جوار مسجد قباء .
ولا شك ان كثرة المتاحف في أي مدينة تعتبر مؤشرا حضاريا ثريا لها وكيف لا وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول عاصمة للاسلام ومهبط الوحي ومثوى سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ولعل هذا يحذونا لتوجيه الدعوة لجميع المدارس والجامعات والأسر لاصطحاب أبنائها وأطفالها لزيارة هذه المتاحف لما لها من أثر كبير في تعميق الانتماء وتوثيق الإيمان وربط الأجيال المعاصرة بتاريخها وحضارتها عبر العصور والتي تمتد لما قبل الإسلام حتى اليوم .
المتاحف كتاب مفتوح يتجول فيه الزائر، ويقف على ضفافه، ملامسا لملامحه متعمقا بأحداثه معايشا لوقائعه، مستنشقا عبق الماضي الجميل، كما أنه يبرز التحديات والصعوبات والعقبات التي تغلب عليها الأجداد لنكون في وطن حضاري مستقر وآمن .
ولعلها تحمله رسالة بأن عليه المحافظة على هذا الإرث الثري وبالتالي توريثه للأجيال القادمة .