مرفت محمود طيب
تعددت صور القهر ووقع الألم واحد، قد يختلف في حدته ومدته على حسب المقهور منه والمقهور عليه والمقهور له.
قد يقهرك طفل يبتسم وعيناه تفضح وجعه بدمع ينهمر من مقلتيه لسلبه براءته عنوة بغير حول منه ولاقوة ، حُرم من سلطان النوم بآمان ، ولذة الطعام والشراب، ومرح اللعب وفرحة اللعبة، فقد أمن المآوى ، وحضن أم وعطف أب نزعا منه نزعا، سُرق حلمه وحقه في التعليم والصحة، لقد مات حياً بإختصار.
وقد يقهرك ضعف شيخ عجوز بعد عنفوانٍ وقوة ، عاش معززاً مكرماً في شبابه فدارت عليه الدوائر بعد فترة فأُسقط أرضا ، لا كرامة ولا عزة ولا إحتراماً لشيبه وشيبته فغدا كأن لم يكن له ذكرا، حفر الزمن على جسده تعب وقسوة السنين فبدت للآخرين مجرد تجاعيد للسنين وهي في الحقيقة مصاعب الحياة ومرارة مذاقها التي حاول جاهداً تحليتها بجهد وفكر وسنين مضت من عمره ، وكوفيء بالجحود والنكران وتُرك في مهب الريح يصارع ألمه ، حزناً على نفسه وأسفا على كل ماكان وبذله في سبيل من لايقدر بذله.
أم قد تقهرك تلك المراءة التي تحاول أن تحيا بكرامة وتنفق على نفسها وأبنائها دون أن تمد يدها تسولا وعجزا، فيستغل البعض حاجتها وتلحقها أعين الذئاب لينهشونها نهشا وكأنها فريسة للأكل سهله ، هي لا تطلب الكثير بل تطمح لحياة بدون خوف أو ضغط أو سطوة ، حياة فيها الأمن والآمان لتعيش بسلام ، مثلها مثل أي فرد فعال له مكانته وكيانه دون التقليل من شأنه وإحترامه.
وما أكبر القهر حين لايكون باليد حيلة ، وإن نوينا أن نشفي الغليلة لانجد الوسيلة، فكيف السبيل لمحو قهر العليل ، وماهو البديل لهذا الإحساس الثقيل ، هو وحده الهادي الدليل ، لا إله إلا هو ، هو حسبنا ونعم الوكيل، اللهم إنا نعوذ بك من قهر يؤلمنا ومن فكر يقلقنا ، اللهم أكفنا شر مايكون قبل أن يكون وأرفع القهر عن كل مقهور في هذا الكون ،فسبحانك إذا أردت شيء قلت له كن فيكون.