مرفت محمود طيب
تناظر الشافعي رحمه الله مع أحد العلماء يوماً ما حول مسألة فقهية، فأختلفا ولم يستطع أحدهما أن يُقنع الآخر، وكأن الرجل تغيير وغضب ووجد في نفسه، فلما أنتهى المجلس توجها للخروج، إلتفت الشافعي إلى الرجل وأخذ بيده وقال ألا يصح أن نختلف ونبقى إخوانا...!
نعم الإختلاف لا يفسد للود قضية فليس معنى أنني لا أتفق معك أنني ضدك، فليست الغاية أن نتفق ولكن الغاية ألا نختلف.
ولماذا نختلف وقد إتفقنا في أمور عدة فإلهنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد وكلنا ننتمي لأمة واحدة، أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وقرآننا ينهانا عن التفرقة ويأمرنا بالجماعة، قال تعالى (وأعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) وكذلك الأحاديث النبوية تنهانا عن التفرق وتأمرنا بالإجتماع والإتلاف، فلقد خيف علينا من الإفتراق والإختلاف فقد كان سبباً في الجاهلية لحروب كثيرة، وعدوات شديدة، وضغائن مديدة، طال بسببها قتالهم ونزاعهم وتناحرهم، فلما جاء الله بالإسلام ودخل فيه من دخل صاروا إخواناً متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى بعد أن هداهم الله للإيمان.
فلماذا نفترق لمجرد الإختلاف في الرأي، فلنتعلم من صحابة رسول الله وممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، كيف نختلف ونظل إخوانا، فلا يؤدي ذلك الإختلاف إلى خلاف بيننا وبالتالي فساد النفوس أو التعصب والشقاق أو الخصومات التي لا تبق ولا تذر.
لا ولم ولن أفقد أخوتك لأنك لم تتفق معي، بل سأجعل أخوتنا سبباً لعدم خلافنا، وإن إختلفنا في الفروع فسنبقى متفقين في الأصول والمضمون وسنظل مجتمعين على قلب رجل واحد، فلنتعامل مع بعضنا البعض بكل أريحية وهدوء وبسعة أفق وإدراك مستنير وتقبل الرأي والرأي الآخر، فقد أكون على خطأ والآخر على صواب أوالعكس، فنحن نكمل بعضنا البعض والكمال لله وحده، بذلك ستزداد الألفة والمودة والترابط فيمابيننا ونقطع الطريق على الخلاف الذي يؤدي للفرقة، ففي الخلاف شر وفي الإتفاق خير، فلنتفق على ألا نختلف وإن إختلفنا نبقى إخوانا.