في القرن السادس قبل الميلاد وتحديداً في الجزيرة العربية وِلدت هناك عبودية عنترة بن شداد كان عنترة ابن لسيد ثرى، ولكن من جارية حبشية تدعى زبيبة، ورث،عنها سواد بشرتها كما ورث عنها العبودية والإذلال والاستبعاد، رغم مميزاته العظيمة دون سائر العبيد، فقد كان يعرف أنه حر وأنه من السادة، كما كان شجاعا يجيد فنون القتال والشعر ، كان إنسانا مثقفا وشاعرا موهوبا وبطلا لا يشق له غبار.
تلك الصفات العظيمة لم تشفع لعنترة وتخلصه من عبوديته ،حتى خاض معركته الإنسانيه وانتزع حريته المسلوبة من تلك الأعراف الاجتماعية الموحشة التى سلبت منه حق الحياة.
مضت قصة عنتره وبقيت عبودية القبيلة واللون مستمرة على مر العصور بقسوتها وهمجيتها المعهوده.
رجل أسود يصرخ تحت ركبة شرطي أبيض "أنا اختنق..لا أستطيع أن أتنفس"، صورة هزت الولايات المتحدة والعالم بأكمله،كان كل ذنبه لون بشرته السوداء ومع تلك الحادثه التى خلخلت عرش الديمقراطية المزيفه ومزقت القناع الذي كانت تتشدق به أمريكا طويلاً "اسطورة الشعوب المتحضرة" !!
فقد خلفت تلك الصوره استياء وتعاطفا كبير امام الرأي العام العالمي، وفتحت لدينا تساولات حول العنصرية المنتشرة في المجتمعات العربية، ومسألة الحريات
ونحن العرب لدينا عنصرية من نوع آخر ( القبيلة المقيته ) التي كانت من رواسب الجاهلية ومازالت الي عصرنا الحالي !!! اتصدقون ذلك يا سادة ؟!!!
يتمسكون بها جهلاء العقل والفكر دون أن يُدركوا خطر تلك النعرات العصبية على المجتمع وهي من أكثر الأمور المؤرقة التي يجب التنبّه لها كي لا تُصبح ظاهرة متفشية تُضعف شوكة المجتمع وتُسهم في تفككه وتشوّه تطوره المجتمعي.
منذ أن بدءت الخليقه كانت رسالة الإنسانيه والأمم المتحضرة تتمحور حول قبول الأختلاف والتعايش مع الطرف الاخر لِيسود بينهم الأحترام
مرت حقبات غابرة كانت فيها عنصرية القبيلة مُسيده يتصدر فيها الرجل المجالس ويتفاخر فيها بنسبه حتى وأن لم يُذكر له إنجازات غير ذلك الأنتماء لِقبيلة ارتدت ثوب الفخر بالتوارث فقط.
مازالت تلك العصبية البغيضة الي الأن تمارس في المجتمعات العربية رغم مانعيشه من ثورة حضارية وثقافية هائلة تسببت في صِدمات فكرية بين الافراد والمجتمعات وسلوكيات خاطئة يجب أن تندثر.
انتهى زمن القبائل مع بروز خطاب "الدولة الحديثة" لكن تعميق الانتماء للقبيلة مازالت اثاره باقية.
كل من يتحدث بلسان العنصرية يحتاج إلى إعادة هيكلة فكرية تعزز لديه ثقافة تقدير الأنسان كمخلوق أكرمه الله بالفطره وميزه بالعقل عن سائر المخلوقات
للاسف الشديد العنصرية هي نتاج تربية ومواريث مجتمعٍ يفتقر لِاحترام الانسانية التى كرمها الله وأحترام الاخر بغض النظر عن لونه وعرقه وقبيلته، والتميز الحقيقي يكون للأتقى كما بين لنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
تحرر عنتره من مستنقع العبودية وبقي اسير وشاعراً للحب كما كان يحدث حبيبته "صدقت يا عبلة.. لم يذلني إلا الحب.. ولكنه الذل المحبب"
قد طالَ عزّكمُ وذُلّي في الهوى
ومن العجائب عِزّكمْ وتَذَلُّلي
لا تسْقِني ماء الحياة بِذِلَّةٍ
بلْ فاسْقني بالعِزِّ كأسَ الحَنظل
ماء الحياةِ بذلةٍ كجهنّمِ
جَهَنّمٌ بالعِزّ أطيبُ منزلِ
...همسه محبه...
احترم الاخر احتراماً لإنسانيته فقط ...أياً كان لونه او مركزه او وضعه في المجتمع، فهو مثلك إنسان.
بقلم / العنود سعيد
anoo1403@gmail.com