يجب أن نشرع في قراءة هذا المقال أو الحديث عن المولد النبوي بذكر أصول ثلاثة متفق عليها وقواعد مجمع عليها وواجبة على كل مسلم..
الأول : أن مبتغانا وهدفنا هو طلب الحق ومعرفة مراد الله تعالى في كل عمل يتقرب به إلى الله..
الثاني: وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنها دين وشريعة
الثالث : أنه لا يعبد الله إلا بما شرع وكما بينه نبيه صلى الله عليه وسلم
ثم بعد ذلك فإن من يحتفل بالمولد النبوي ويحييه على نوعين اثنين :
أولاهما : شخص محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى أن ذلك الاحتفال والاحتفاء هو من مقتضى محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم
وهذا من أردت البيان له والإيضاح...
والآخر : شخص منتفع من إحياء المولد لحاجة في نفسه ومقصد مادي يطلبه أو منفعة معنوية تعود عليه
فهذا مثله كثير في الأديان كلها وفي الإسلام أيضًا فكم من عالم يفتي لغير وجه الله وكم من قاض حكم بغير شرع الله وكم من قال بهواه وكم وكم...
فلهذا الصنف ولنظيره في كل حين ومكان نقول لهم اتقوا الله وأعلموا أنكم ملاقوه....
وأما المقصودون بالمقال والكلمة فهم الذين يحييون المولد بدعوى محبة النبي صلى الله عليه وسلم ويرون أن ذلك دين وعبادة ويبذلون الوقت والجهد والمال في إحياء ليلة المولد
فأقول لهم هذه الكلمات :
١- محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها علامة وبرهان وهو طاعته واتباعه فيما أمر والبعد والحذر عن مخالفة سنته ونهجه وطريقته
٢- لم يتفق على تاريخ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بل هي عدة أقوال وآراء ومنها اليوم الثاني عشر من ربيع الأول الذي هو باتفاق يوم وفاته صلى الله عليه وسلم
٣- لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم بمولده الذي تكرر بعد نبوته ثلاثة وعشرين مرة ولو لمرة واحدة
٤- وكذلك لم يحتفل صحابته الكرام رضوان الله عليهم ولا التابعون لهم ولا الأئمة الأربعة بهذا المولد ولا رأوه ولا علموا به
٥- لذلك فإن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة وأول من احتفل به المعز (الفاطمي) عام ٣٦٢هجري وقد أنكر عليه العلماء وهو لديه من المنكرات ما هو أشد وأعظم
٦- لما ارتبط المولد -في الظاهر- بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم شاع وانتشر في بلاد المسلمين وخاصة مع ذكر فضائل ومنافع مكذوبة له من المنتفعين بوجوده وانتشاره
٧-إنه يقع ويكون في احتفال المولد من المنكرات العقدية والأخلاقية ما يتنافى مع الآداب الشرعية
فلذلك فإن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي ويلزم منها النهي عن إقامة المولد وبيان بدعيته وبيان العلامات والدلائل على محبته الشرعية بلا غلو ولا جفاء محبة.
وقد بين علماء المسلمين من حين ظهور المولد بدعيته ومخالفته للسنة
وأنكروا على من أقامه..
فرسول الله صلى الله عليه وسلم مفدى بالنفس ومع هذه فليس له حق في العبادة أو الدعاء والتوجه بالعمل الصالح له، بل هو وكل الأنبياء عليه السلام قد أتوا وبعثوا يدعون إلى عبادة الله وحده لا شريك له كما قال تعالى : ((اعبدوا الله ما لكم من إله غيره))
وختاماً : أذكر بقوله صلى الله عليه وسلم : ((لَا تُطْرُونِي، كما أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولوا عبدُ اللَّهِ،
وَرَسُولُهُ)).