إن وجود الاختلافات في الآراء ما بين الأشخاص هو أمرٌ طبيعي، إذ إنّ اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، إلا أنّ المشكلة تكمن في عدم تقبل هذا الاختلاف، والتعصب إلى الرأي الفردي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تدهور العلاقات بين بني البشر، وزرع الكره والحقد في قلوبهم، ولم تعد المشكلة فقط بتقبل الآراء عند اختلاف وجهات النظر، بل أصبح من يخالف طامة كبرى يتعرض للهجوم والإقصاء،و الإتهامات عليه، ويصل الأمر إلى التنمر عليه والتقليل من شأنه. فإن هذا الأمر ياليت ينتهى على ذلك، بل يصل إلى منصات التواصل الاجتماعي التي عززت من غياب ثقافة تقبل الرأي الآخر، وأصبحت مساحة لشن معركة كلامية على من يخالف رأي المجموعة أو يقرر أن يعبر عن رأيه ووجهة نظره كما يراها هو.قال تعالى {ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} ولكن هذا الاختلاف الإنساني، ليس مدعاة للتنابذ والنزاعات والحروب والصراعات المفتوحة، وإنما هو مدعاة للتفاعل الايجابي والبناء والتعاون،فسبحان الله فبمجرد أن يشارك برأيه المختلف على أحد رسائل الأصدقاء حتى يتطور الأمر لنقاش حاد ويتفاجأ بأن الشخص قام بحذفه من قائمة الأصدقاء.لذلك ظهر لنا بعض الاشخاص يريدون فرض آرائهم ورغباتهم وطموحاتهم على الآخرين، وانا من وجهة نظري ومن خبرتي الإجتماعية أقول أن مفعول
الصمت، وتقبل الرأي الآخر، وذلك في حالة أن يكون الرأي الآخر مخالفاً وبعيداً كل البعد عن الرأي أو المبادئ الشخصية، فالصمت في هذه الحالة لا يعني قبول الأفكار المطروحة، ولكنه اختصارٌ للشر، وابتعادٌ عن نقاشٍ غير مجدٍ، ولكن يشار إلى أنّه في حالة كان هناك سبب يقتضي نصح الطرف الآخر، أو تغيير أفكاره فلا بد من قولها، ولكن بطريقةٍ محترمة دون مسباتٍ أو إهاناتٍ وحفاظاً للود.وأخيراً أقول، نرى اليوم ونسمع وللأسف الشديد الكثير من الشباب المُندفع بغير وعي من يتمسك بمبدأ إن لم تكن مع الحقيقة التي أفهمها فأنت ضدي ويجب انتقادك وإقصاؤك ليتنا نتبنى لغة الحوار ونتقبّل الآخر وننظر نظرة شمولية للأمور، أصبحنا نظن بالآخرين الظنون وكم من مسؤول بدأ بتصفية حسابه مع كل من عارضوه؟! الاستبداد والظلم والتسلط الفكري في فرض الأفكار والمعتقدات أوجدت لدينا ثقافة الكراهية ونظرية المؤامرة،ولا يمكن الخلاص مِن تبعات هذه الثقافة وتلك النظرية إلا بتغذية ينابيع ثقافة الحوار والإحترام وتقبل الرأي والرأي الآخر،بل إن البعض إن وافقتَهم وإن كانوا على خطأ فأنت صح وإن خالفتَهم أهواءهم فأنت خطأ. أخي القارئ فأنا وأنت بشر نخطئ ونصيب ولست أنت الوحيد الذي يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ اترك للغير الفرصة ليشرح ما يعتقده فإن أخطأ وضّح له خطأه وإن رفض اترك له الخيار ليتعلم الصواب، وعندما لا تفهم ما أريد فلا تفسر ما تريد ولا تحكم عليّ بالنوايا فما ذنبي إن كانت نيتك غير نيتي؟! وليس ذنبي إن كنت ترى مالا أراه.
*همسة *
لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أحْقِدْ عَلَى أحَدٍ أرحتُ نفسي من همَّ العداواتِ إنِّي أُحَيي عَدُوِّي عنْدَ رُؤْيَتِهِ لأدفعَ الشَّرَّ عني بالتحياتِ وأُظْهِرُ الْبِشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضهُ كما إنْ قدْ حَشى قَلْبي مَحَبَّاتِ النَّاسُ داءٌ وَدَواءُ النَّاسِ قُرْبُهُمُ وفي اعتزالهمُ قطعُ المودَّاتِ
monshiaa@gmail.com
التعليقات 3
3 pings
Roni
15/02/2021 في 8:25 م[3] رابط التعليق
كلام راااائع ليس بجديد على كاتب مثلك
RK
16/02/2021 في 8:42 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل 👍
د. عاطف منشي
17/02/2021 في 10:33 م[3] رابط التعليق
جعل الله الاختلاف سنة وآية،والاختلاف إذا لم يخرج للخلاف، فهو أصل الدفع بين الناس، أما إذا انقطع الاختلاف والتدافع وهيمن القوي الواحد وطلب أن يَطبع الناسَ كلهم على قالِبه، فهو الطغيان , والطغيان مفسدة مهما كان شكله وغايته فإنه لا يدوم طويلاً.