مما لاشك فيه أن تقرير الأجر في أي عمل لا بد فيه من تحقق شروط كون العمل مأموراً به شرعاً ويؤدي إلى تحقيق أمر شرعي فالإخلاص والمتابعة شرطان لقبول العمل . ولذا يسعى كثير من المخلصين المحبين للخير لنشر سبل الخير بين الناس ولكن ليس حب الخير وحده كافياً للصواب إذ لا بد من تقدير الأمور والعواقب عند كل عمل.
قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)فهنا يجب التثبت الذي يُقصد به التحري والتأكد من صحة الخبر قبل قبوله أو نشره. والمعنى أن المراد بالتبيّن والتثبّت: التأني والتريّث والتيقُن من صحة الخبر، وعدم الاستعجال في نقله وإشاعته، نعم شيئ يؤلم القلوب ويجرح الخواطر ويُحزن النفوس أن واقع الناس اليوم يشهد تساهلاً مُفرِطاً، ويُلاحظ فيه تهاوناً كبيراً في هذا الموضوع ، فهم إلاّ من رحم ربي ينقلون ما يسمعون من أقوال، وأحكام، وفتاوى، وأخبار، وأحداث، سواء تعلّقت بالأوضاع الاجتماعية، أو الأمنية، أو الاقتصادية، أو السياسية، وسواءً أكانت تمس أحداً من عامة الناس أو خاصتهم، دونما تيقُنٍ أو تثبُتٍ أو تبيُنٍ أو تأكُد من المصداقية الإعلامية قد تكون هي بنفسها وهمية. فكم منا بمجرد سماع كلمة وصلت إليه من هنا أو من هناك؟! عبر أجهزتنا المحمولة على مدار الساعة في اليوم والليلة فنُسارع بإرسالها وتعميمها على من نعرف ومن لا نعرف، دون أن نتأكد من محتواها أو نتبيّن أو نتثبت عن المقصود منها، فيتم نقلها ونشرها وتعميمها بسرعة فائقة وبدون تثبت، ولايتمهل حتى من الأحاديث الباطلة والمكذوبة والموضوعة والمنكرة التي تُنشر في وسائل التواصل منسوبةً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نتداولها مع أنها في حقيقتها غير صحيحة وغير ثابتةٍ عن حبيبنا وقائدنا وقدوتنا -صلى الله عليه وسلم وقد حذر منها وأيضاً يكرر نشرها رويداً ياعزيزي المرسل، قد تكون الفتاوى الشرعية التي نتلقاها بالعشرات منسوبةً إلى العُلماء والفقهاء والمُفتين وأهل العلم أنها غير صحيحةٍ، وأنها منسوبةٌ زوراً وبهتاناً لأولئك العلماء والفقهاء وهم منها براء، وأيضاً هناك الأخبار المكذوبة والشائعات المغرِضة والأمنية التي تصل إلينا من هنا وهناك فيكثُر الكلام حولها، وتطول التعليقات عليها، وينشغل الناس بها، وتُصبح حديث المجتمع مع أنها عاريةٌ من الصحة، وبعيدةٌ عن الواقع، ومُخالفةٌ للحقيقة وقد تكون انت السبب حتى في زعزعة الأمن فلماذا هذه العجالة التي ستندم عليها؟وأخيراً ومنبهاً في مقالي هذا على الشخص المرسل عليه أن ينظر في جدوى نشره بين الناس، فإن كان في نشره خيرٌ ونفعٌ وفائدةٌ فله حينئذٍ أن ينشره ويُظهره، وإن كان في نشره ضررٌ، أو شرٌ، أو فتنةٌ، أو بلبلةٌ، أو إساءةٌ وإستهزاء لأحدٍ من المسلمين، فإن عليه عدم الإرسال وألاّ ينشره بأيٍ حالٍ من الأحوال.وقد قال أهل العلم: إن التثبت من صفات أصحاب العقل والحكمة والرزانة، بخلاف العجلة فإنها من صفات أصحاب الرعونة والطيش والتسرُّع.
*همسة*
يا أهل رسالة ( أنشر تؤجر ) هلا تعقلتم وتمعّنتم قبل الإرسال وماهي العواقب الوخيمة.
التعليقات 7
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
د. عاطف منشي
29/04/2021 في 4:47 ص[3] رابط التعليق
أحسنت أخي وأستاذي أبا ياسر فنحن لسنا ضد نشر الخير والهدى، لكننا في الوقت نفسه ضد استغلال عواطف البشر، أيًّا كان نوع هذه العواطف، وضد الضغط عليهم من خلال هذه العبارات التي تدغدغ المشاعر، حتى لو كانت المقاصد نبيلة. ولهذا فإن المزايدة على عمل الخير ونشره مرفوضة منذ البداية، فالذي يريد أن ينشر الخير لن يُعدَم وسيلة لذلك، في حين أن استغلال عواطف البشر، والدينية منها على وجه الخصوص، ربما يؤدي إلى نشر رسائل فيها من السم ما يغلب على العسل!!
فهناك الكثير من العبارات الخادعة، لا تستجب لها أخي الكريم مندفعاً بعاطفتك، فكم من أحاديث موضوعة وضعيفة لا أصل لها انتشرت بعبارة (انشر تؤجر) وكم من بدعة و ضالالة انتشرت وكنت أنت السبب واندفعت خلف عبارة( لا تقف عندك).
فاجعل هذه الرسائل التي تحتوي وتحمل في طيّاتها البدع والأحاديث الموضوعة والمكذوبة تقف عندك ثم احذفها.
وخير أمور الدين ما كان سنة
وشر الأمور المحدثات البدائعُ.
ايمن عطرجي
29/04/2021 في 7:24 ص[3] رابط التعليق
نعم استاذ عبدالرحمن يجب عدم الاستعجال في نشر اي موضوع …كما ان هناك ادارات ومواقع رسمية لكل جهة تتكفل بالنشر ماعدا المواضيع الخاصة يجب ان يتم التأكد قبل النشر….مقال رائع من روعة كاتبه
محمد نعيم بخاري
29/04/2021 في 11:58 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا وكلام منطقي وعقلاني
احسنت بارك الله فيك انتقاء مميز لمواضيعك
سالم
29/04/2021 في 1:20 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم
بارك الله فيك اخي الغالي ربي يكتب اجرك ويرزقك علي نية الصادقه
ابو وائل
محمد الرفاعي
29/04/2021 في 3:24 م[3] رابط التعليق
وفقك الله أخي عبدالرحمن وبارك الله فيك دائما مواضيعك جدا جميله أسأل الله لكم العون والتوفيق والسداد
فهدبازهير
01/05/2021 في 6:40 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرًا أخي عبدالرحمن في كل ماكتبته وأنا معك في عدم نشر اي موضوع إلا بعد التأكد من صحته
عبدالرحمن منشي
02/05/2021 في 8:36 ص[3] رابط التعليق
جزاكم الله خير على مروركم الكريم بتعليقاتكم الجميلة والمشجعة لكل كاتب.