يخطئ كثير من الناس في فهم معنى الحرية في الإسلام ورسالته السامية وحدودها التي أمر بها المولى جلّ وعلا، فبين متهاون يظنّ بأنها التفلت التام من كل القيود والأغلال التي تعترض كل جوانب الحياة، وبين من يعتقد أنها مجرد التمرد والتحايل على كل ماهو قائم، وبين آخرون ذهبوا إلى مقاومة القيود التي تضبط الحرية بما فيها قيود الشريعة الاسلامية.
وإذا انتقلنا إلى ماينادي به البعض منْا من حرية المرأة التي تعني بنظرهم تحررها من القيود، فقد تحول المفهوم لدى هؤلاء من حرية منضبطة إلى تحرر المرأة من القيم والضوابط الشرعية، وإظهار المرأة المسلمة في صورة هزيلة مبتذلة لاتعكس مكانتها العظيمة التي منحها الله جل جلاله.
فالمرأة المسلمة المحور الأساس لدى أولئك وميدان خصب لتطبيق مفاهيم الحرية الغربية الكافرة وتطبيقها في المجتمعات المسلمة، لأنهم فطنوا أن فساد ودمار المجتمع المسلم يبدأ من المرأة.
إن هذا الفكر التغريبي الهش ينافي فطرة وطبيعة المرأة التي خلقها الله بسمات وتركيبة مختلفة عن الرجل ليحدث التكامل الاجتماعي لهذه الحياة.
أخيراً، هل هناك علاقة بين تحرر المرأة ومشاركتها الاجتماعية والفكرية والاقتصادية؟
هل حقاً المرأة المسلمة التي كفل لها الإسلام جميع حقوقها هل هي في حاجة إلى أن تستقل استقلالاً كاملاً عن الرجل وتستغني عنه بنفسها؟
أشك أن تكون المرأة قائمة بذاتها ولو كان الأمر كذلك فما الحاجة إذن إلى قوامة الرجل التي أمر بها الله عزّ وجلّ؟ وما أهمية الرجل في أن يكون هو المسؤول عنها؟؟
إِنَّ الْمرأَة حين تطالب بإِسقاط ولاية الرجل عليها تظن أَنها تسلم بذلك من ظلم الرجل واستبداده؛ ولو كان ذلك صحيحا لسلمت المرأَة الغربِية لمّا أَسقطت ولاية الرجل عليها، والإِحصاءات الرسمية في الاعتداء على المرأَة في الغرب موجودة للمشكّكين، وأَرقامها مخيفة، وتظن المرأَة أَنها إِن تخلصت من ولاية الرجل عليها ستبقى حمايته لها لو اعتُدي عليها فقط، وهذا ظن كاذب؛ لأَنه لا يوجد عاقل في الدنيا يرضى بإِعالة وحماية من لا تعترف بولايته عليها؛ وهي بإِسقاط الولاية عليها تنتقل من ظلم محدود إلى ظلم عام شامل؛ من ظلم قريبها وطمعه فيها إِلى ظلم أَراذل كل الرجال الذين يحيطون بها؛ لأَنه لا وليَّ لها يحميها، ويدفع الأَذى عنها.
وكم تظلم المرأَة بهذه الدَّعوات والشعارات الخبِيثة الَّتي تدعوها للتمرد على الشَّرع وعلى أَوليائها؛ ليصل إليها سقطَة الرجال وفسقتهُم.
أخيراً أُذٌكِركم بتلك الكلمات العظيمة لذلك الرجل العظيم الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز "رحمه الله تعالى" حيث اختصر أهداف من ينادون بحرية المرأة حين قال:
(إن من ينادون بحرية المرأة لايريدون حريتها بل يريدون حرية الوصول إليها).
د/عاطف بن عبدالحفيظ منشي
التعليقات 2
2 pings
عبدالرحمن منشي
07/06/2021 في 1:34 م[3] رابط التعليق
بارك الله في الدكتور عاطف لتطرقه لهذا الموضوع الهام لكل اسرة ومجتمع
لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً إلا إن خالفوا عن أمر ربهم وتنكّبوا صراط شريعتهم ، فيكون ذلك تنبيهاً لهم ، فإذا عادوا إلى الطاعة والامتثال عادت إليهم الحرية والاستقلال. – علي الطنطاوي
عايض الحربي
07/06/2021 في 1:41 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يادكتور عاطف
وبارك الله فيك ونفع بعلمك . ذرية بعضها من بعض ،أباياسر وانت ياشيخنا ودكتورنا
رحم الله الأثنين الذين عقبوكم…