سالم الغانمي
الأولاد ذكورا وإناثا ثمرة فؤاد الوالدين وحبها فطرة والشفقة عليهما دأب كل والد حدب.
وعندما يمثل الموت أمام ناظري الوالد يعظم الحزن على مآل الأولاد وخاصة الصغير أو الضعيف منهم فيحملون الهوم ويكتمان الأسى وهما ما زالا على قيد الحياة خوفا من لحقوق الأذى أو الضياع على الذرية التي لم يشد عودها على مكابدة كبد الحياة ولم يعجم كدرالدنيا وطبعها.
وقد صرح القرآن الكريم بوجود تلك المخاوف ونداء الفطرة في آيات كثيرة منها قوله :
(وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ).
((وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا)).
وإن لهذا الحزن علاجا ولتلك الشفقة أسبابا تجعلها – بإذن الله -تؤمن مستقبل الولد في حال وجود الأب وبعد موته فالجزاء من جنس العمل.
ومن هذه الأسباب ما ذكر القرطبي عن الشيباني قال : كنا على قسطنطينية في عسكر مسلمة بن عبد الملك ، فجلسنا يوما في جماعة من أهل العلم فيهم ابن الديلمي، فتذاكروا ما يكون من أهوال آخر الزمان . فقلت له: يا أبا بشر ، ودي ألا يكون لي ولد . فقال لي : ما عليك ! ما من نسمة قضى الله بخروجها من رجل إلا خرجت ، أحب أو كره ، ولكن إذا أردت أن تأمن عليهم فاتق الله في غيرهم ؛ ثم تلا الآية . وفي رواية : ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه ، وإن تركت ولدا من بعدك حفظهم الله فيك ؟ فقلت : بلى ! فتلا هذه الآية (وليخش الذين لو تركوا) إلى آخرها.
فتأمل هذا التوجيه وتلك النصيحة فإن ما ذكر في تلك المناقشة من جملة الأسباب النافعة للذرية والحافظة لهم بحول الله.
وثمت أسباب أخرى لها بين الشرع أن لها أثرا ونفعا في وقاية الذرية وصيانتهم منها صلاح الوالد ( وكان أبوهما صالحا) وعدله مع من ولي عليه وكذلك تقواه وإحسانه للأيتام والأرامل والضعفة من الناس فإن الجزاء من جنس العمل ( وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
وأما من ظلم الأيتام والضعفاء واغتصب حقوق الآخرين فليتدارك أمره ليس خوفاً على ذريته فحسب بل ليشفق على نفسه ويسعى في عتقها وفكاكها.
قال أبو العتاهية :
وإن امرأ قد سار سبعين حجة إلى منهل من ورده لقريب
التعليقات 2
2 pings
محسن السلمي
03/01/2022 في 9:33 م[3] رابط التعليق
اللهم أصلح قلوبنا و أصلح ذرياتنا…
عبدالرحمن منشي
04/01/2022 في 9:03 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، جزاك الله خير ياشيخنا ابو عبدالرحمن في مقالك وليس مستغرب منك في إنتقاء المواضيع التي تهم العقيدة والتوجيه الإيجابي،، فأنا اضيف جملة بسيطة والعين لاتعلو على الحاجب،، أذكر دائماً الاولاد (وولد صالحاً يدعو له) ليكون جزاء الآباء من الابناء في يوم نحن في حاجة له،، واكرر إعجابي بدروسك ومقالاتك يلشيخنا.