عبدالرحمن منشي
نكران الجميل أو المعروف وعدم المروءة ليس أمرا جديداً ، وقد وصفه العرب في السابق “بأنه دليل على خسة النفس، فصاحب هذه النفس المعروف والمروة لديه ضائعان، والشكر عنده مهجور، وهذا تحقير للمعروف الذي أسدي إليه، وعدم الوفاء لمن أحسن إليه،وإليكم هذه القصة العربية المشهورة ومنها إستنتاج يستنتجها القارئي بنفسه:
يُحكى أن فارساً عربياً كان في الصحراء على فرس له، فوجد رجلاً تائهاً يعاني من العطش، فطلب الرجل من الفارس أن يسقيه الماء، فقام بذلك، صمت الرجل قليلا، فشعر الفارس أنه يخجل بأن يطلب الركوب معه، فقال له الفارس: هل تركب معي أوصلك إلى حيث تُريد؟ فقال الرجل: أنت رجلٌ كريم حقاً، شكراً لك، كنت أود طلب ذلك لكن خجلي منعني،
ابتسم الفارس، فحاول الرجل الصعود لكنه لم يستطع وقال: أنا لست بفارس، فأنا فلاح لم أعتد ركوب الفرس، اضطر الفارس الى أن ينزل كي يستطيع مساعدة الرجل على ركوب الفرس، وما ان صعد الرجل على الفرس حتى ضرب الفرس وهرب بها كأنه فارس محترف، أيقن الفارس أنه تعرض لعملية سطو وسرقة، فصرخ بذلك الرجل، اسمعني يا هذا، اسمعني فقال له من بعيد، ما بك؟ فقال الفارس: لا تخبر أحداً بأن ضحكت علي، وأخذت فرسي، فقال له اللص: ولماذا؟ أتخاف على
سمعتك؟
فرد الفارس: لا، ولكنني أخشى أن
ينتشر الخبر بين قبائل العرب ، فلا يغيث القوي الضعيف ، ولا يرق الراكب للماشي فتصبح الصحراء خالية من المروءة ويضيع المعروف بين الناس، وفي هذا الوقت وفي الاسبوع الماضي حدث موقف يجب ذكره لأنه يمثل المرؤة والرحمة بالانسان.. فاقول حصل حادث لأحد اقاربي وكان المخطئ الطرف الثاني وكان شاباً مسرعاً فخرج من المركبه وهو يبكي ويعتذر لقريبي بأن لديه إختبار بالجامعة وطلب أن يذهب للإختبار ويكمل إجراءات نجم فما كان من قريبي إلا وقال له إذهب وإختبر وانا انتظرك فبالرغم العطلة والإنتظار صبر وانا اقولها بيض الله وجهك صح انه أخطأ في حقك ولكن الوفاء والرحمة بالبشر مطلب اساسي وتربية الوالدين لها الاثر البالغ. وأما في مجتمعنا الآن ومايحصل إلا من رحم ربي نشاهد ونسمع كيف يتهاوى المعروف بين الناس، من خلال مايعتبره البعض انها شطارة وفهلوة منه، على الضحك وسرقة الأخر من خلال إستغلال المعروف والعلاقات الإجتماعية الحميدة، التي حثنا عليها ديننا الحنيف والاعراف والتقاليد العربية، فمع الأسف نجد اليوم من الناس يشكو من سوء معاملة ممن صُنع معه معروفاً، ويشعر بالندم من عمل خير عمله لقريب اوصديق، كمثل قرض حسن سلفه لفك أزمة ذلك القريب أو الصديق، ولكن يفاجئ بمرور شهور وسنين وهو يماطل في سداد ذلك القرض، فسبحان الله بعد أن ساعدتك في ازمتك الآن تأزم الامور معي؟ ويستمر بالمماطلة حتى ولايعتذر، فهل هذا جزاء المعروف، (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) ولنقيس بقية ناكري المعرف في حياتنا على ذلك المنوال وماهذا إلا مثال ذكرته من عدة امثلة في حياتنا. اللهم جمّلنا بحسن الاخلاق والآداب.
*همسة*
وَإِذَا الفَتَى جَمَعَ المروءةَ والتُّقَى
وَحَوَى مَعَ الأَدَبِ الحياءَ فَقَدْ كَمُلْ
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
الوالبراء
07/01/2022 في 5:49 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا
ايمن احمد عطرجي
07/01/2022 في 10:20 ص[3] رابط التعليق
نعم يجب ان تكون المرأة والكرم والمعروف ديدن المسلم والعربي والإنسانية باجمع لانها صفة تراحم بين البعض لتستمر بيننا من الصغير الى الكبير…مقال رائع
أبونواف
07/01/2022 في 10:20 ص[3] رابط التعليق
اجدت في طرح هذا الموضوع ياأبا ياسر جزاك الله خير
د. عاطف منشي
07/01/2022 في 12:47 م[3] رابط التعليق
شكر الله لك أخي أبا ياسر على هذا الموضوع المهم فأجيالنا تحتاج إلى قدوات تقتدي بهم في الخير والمعروف وأمثلة واقعية، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة ننتهل من معينه الصافي من خلال سيرته صلى الله عليه وسلم.
واعلم أخي الحبيب أن الخير باقٍ في هذه الأمة إلى قيام الساعة.
إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ
ابوخالد
07/01/2022 في 1:27 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك اباياسر دائما طرحك لمواضيع تلامس حياة المجتمع مميز ؛ وما اكثر مثل هذا الصنف في زماننا هذا والخير مازال في الامة الطيبة باقي
الكاتب طارق مبروك السعيد
07/01/2022 في 8:24 م[3] رابط التعليق
أشكرك أبا ياسر على إتحاف القرّاء بموضوع نكاد نراه دوما في مجتمعنا ..!
وحتما فعل الخير وصنع المعروف يعد من مكارم الأخلاق وحسن التربية في زمن قلّ فيه عمل المعروف وانعدمت فيه الانسانية بين الناس الا من رحم الله..!
قال جلّ علاه (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره)، وقوله تعالى: ((وافعلوا الخير لعلكم تفلحون))،
مقال جميل من كاتب قدير مخضرم عرفته عن قرب من أوفى الناس وسيرته عطرة وسط كل من عرفت ومن لا يعرفه .
ويا قلبك يا منشي .