خالد شوكاني
يحكى أنه ذات يوم أصدر أحد الملوك قرارآ يمنع فيه النساء من التزين بالذهب والحلي والزينة، فكان لهذا القرار ردة فعل كبيرة فامتنعت النساء فيها عن إطاعة أوامر الملك.
بدأ التذمر والسخط على هذا القرار وضجت المدينة وتعالت أصوات الإحتجاجات، وبالغت النساء في لبس الزينة والذهب وأنواع الحلي ردآ على قرارالملك، فغضب الملك وفكر ماذا سيفعل في مخالفة النساء لقراره ، فأمر بعقد إجتماعآ طارئ لمستشاريه فقال أحدهم، أقترح التراجع عن القرار للمصلحة العامة.
ثم قال مستشارآ آخر :كلا إن التراجع مؤشر ضعف ملك البلاد ودليل خوف ويجب أن نظهر لهم قوتنا، فانقسم المستشارون بين مؤيد ومعارض فقال الملك أحضروا حكيم المدينة في الحال، فلما حضر الحكيم وطُرحت عليه المشكلة، قال أيها الملك لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت لا فيما يريدون هم.
فقال له الملك وما العمل؟ أتراجع إذن؟ فرد الحكيم لا لا تتراجع ولكن أصدر قراراً بمنع لبس الذهب والحلي والزينة، لأن الجميلات لا حاجة لهنّ إلى التجمل ثم أصدر استثناءً يسمح للنساء القبيحات وكبيرات السن بلبس الذهب، وأن يتزيّنا لحاجتهن إلى ستر قبحهن ودمامة وجوههن.
فأصدر الملك القرار وما هي إلا سويعات حتى خلعت النساء الزينة وأخذت كل واحدة منهنّ تنظر لنفسها على أنها جميلة ولا تحتاج إلى الزينة والحلي، فقال الحكيم للملك الآن فقط يطيعك النساء والناس بهذه الطريقة وذلك عندما تفكر بعقولهم وتدرك إهتماماتهم انتهى.
وحين نقف ونتأمل في قصة هذا الملك الواردة سابقًا والتي تحمل لنا في طياتها الكثير من العبر والدروس والحكم وخاصة في فن صياغة الأوامر والقرارات من قبل مدراء المؤسسات والتي يظنها الكثير منهم أنها مجرد أوامر وقرارات يصدرها كل مدير مؤسسة، وينسون إن صياغة الكلمات والأوامر والقرارات فن يحتاج مدراء إلى إتقانها ومعرفتها بشكل دقيق قبل صدور أي أمر أو قرار، فصياغة الكلمات الجميلة والمحفزة داخل الأوامر والقرارات يكون مفعولها ذات مردود إيجابي بل أنها تخرق قلوب وعقول المتلقين لها وتجعلها أكثر قابلية لها.
ولنا في نبينا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام القدوة الحسنة عندما أرسله رب العزة والجلال أمرا بالدعوة بالين، قال تعالى وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ.
ومن الأشياء المؤسفة أن البعض من مدراء المؤسسات يجهلون كل الفنون الإدارية بل أنهم حولو مناصبهم إلى مجرد أوامر وقرارات يصدرونها فقط حتى لو كانت بعيده كل البعد عن الصواب والحق، مما قد تتسبب في حدوث فوضى داخل المؤسسات وتقل الإنتاجية، بل أنها سوف تؤدي إلى حدوث الكراهية لهؤلاء المدراء، بسبب هذه الأوامر والقرارات المجردة من كل لطف وفن، فليست كل الأوامر والقرارات تكون مقبولة لدى الموظفين داخل المؤسسات فبعض الأوامر والقرارات يتبعها الكثير من التذمر والأذي وربما تصل إلى حد الكراهية كما تم ذكره سابقًا، وخاصة إذا كان مدير المؤسسة ممن يتصفون بالغرور والمزاجية.
ودمتم سالمين
التعليقات 1
1 ping
عبدالرحمن منشي
13/01/2022 في 2:51 ص[3] رابط التعليق
سبحان الله،، بعض المدراء بغرورهم يحسبون أنهم يملكون البشر،، لايعرفون فنون الإدارة ولا يعرف أنه ماجلس على هذا الكرسي إلا تكليف وليس تشريف لكي تؤدي رسالتك وعلمك للآخرين، وليس بتأخيرهم للوراء بجهله،، فأقول لكاتبنا الاستاذ خالد جزاك الله خير على مقالك لأنك جئت على جراح كثير من المتضررين بجهل قيادة الادارة إلا من رحم ربي، ولكن لانهضم حق بعض المدراء القيادين لحبهم لأداء رسالتهم على اكمل وجه من داخلهم الطيب.