غاليه نعمة الله
حرب أوكرانيا
يحبس العالم بأسره الآن أنفاسه متابعا تطور الاجتياح العسكري الروسي لأوكرانيا.
ومع انطلاق أول رصاصة فى أوكرانيا ، تتكرس الآن عدة حقائق :
أولها أن عالم الأمس سيختلف تماما عن عالم الغد.
وأن الحرب في أوكرانيا غيرت دون رجعة قواعد اللعبة وفرضت توازنات وحقائق سياسية واقتصادية وعسكريه جديده ستحكم العالم لسنوات طويلة قادمة .
كما أن ردود الفعل الأمريكية والأوربية الأوليه تبدو مندفعه وغير مدروسة مقارنة بردود الفعل الروسية التي تتم حتي الآن باحترافية شديدة وعبارات مدروسة وغير منفلته .
وتذكرني تصريحات القادة الأوربيين والأمريكيين التي تصف بوتن بأنه قاتل سفاح مصاص دماء ديكتاتوري وتذكيره بأحداث الحرب العالمية الثانية ، تذكرني بردود فعل مسئولي منطقتنا التي تتسم عادة بالتشنج والشجب والإدانه .
وكم أدهشتني الكلمات والعبارات شديدة العداء والمنفلته التي وردت علي لسان رئيس الوزراء البريطاني في مجلس العموم منذ قليل وكذا عبارات الرئيسين الأمريكي والفرنسي وغيرهما .
وكيف يقابلها الرئيس الروسي وحكومته بردود مدروسة وبانضباط شديد في الكلمات .
ستدفع روسيا بالطبع ثمنا باهظا بسبب العقوبات التي فرضها وسيفرضها الغرب ، ولكن جانبا كبيرا من هذه الفاتورة ستدفعها أوربا وأمريكا أيضا .
أما المتضرر الأكبر فهي بلاد العالم الثالث وفي مقدمتها مصر ومنطقتنا العربيه . بالإضافة إلي النظام الإقتصادي العالمي الذي سيدفع قطعا جانبا كبيرا من هذه الكلفة التي بدأت بالأزمه الماليه العالمية ثم بأزمة كورونا التي لم نتعافي منها بعد .
أن إحجام الولايات المتحدة عن التدخل بشكل فعال لإنهاء الإجتياح الروسي والحيلولة دون تحقيق روسيا لأهدافها في دول الإتحاد السوفيتي السابقة ، سيعني بداية التدهور السريع في عهد الإمبراطورية الأمريكية وانتهاء الصيغة الحالية للأمن الأوربي ولدور الناتو في كثير من مناطق العالم الملتهبه .
أثق في أن مجموعة لإدارة الأزمات تتشكل الآن في مصر ، فالأمر جلل وسنعاني بشكل مباشر من تداعياته السلبية سواء علي مستوي الاقتصاد المصري المرتبط بالسياحة وبحركة التجارة والنقل العالمية وبسلعة القمح الإستراتيجيه وغيرها ، أو فيما يتعلق بالتوازنات السياسية في منطقتنا الملتهبة وكذا اقتصاديات الإقليم ككل .
ما نتأثر به ونخشي منه بشكل أساسي هو الجانب التقليدي من هذه الحرب العالمية وأزماته الإقتصادية والإنسانية والسياسية ،
أما الجانب الآخر لهذه الحرب وهو السيناريو النووي الأكثر رعبا ، فلا يزعجني كثيرا حيث لن يعاني منه كوكبنا إلا لدقائق محدوده سنكون جميعا بعدها في رحاب عالم أفضل .
ولعل هذا هو الورقة الوحيدة التي يراهن عليها المتفائلون الذين يأملون في عودة العقل والحكمة إلي عقول من يمتلكون مصائرنا على ظهر هذا الكوكب .