عبدالرحمن منشي
الكلام القاسي الجارح الذي لا فائدة منه مبغوض وقد يولِد الكره، فإن قيل لأشرف البشر الرسول، عليه الصلاة والسلام، «ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك».
إذاً الصراحة المفيدة، والنصيحة الحقيقية البنَّاءة لها آداب معينة وطريقة وأضحة، ولا تتسبب بأي إحراج للمُتلقي. فتكون بينك وبين الشخص على انفراد، كي لا تخجله، وتأتي له بحلول وليس باتهامات، وتكون على أمور من الممكن تغييرها للأفضل، وتكون بحب، ولا بد أن يسبقها لطفٌ كثير ليغطي وطأة ألنصيحة على صاحبها ليتقبلها منك بسعة صدر.
في الحقيقة إن كان كل منَّا قبل أن يلقي سهام كلماته يفكر هل هي مفيدة.. وهل لها تلك القيمة؟ هل هي محببة للنفس؟والله لكان المجتمع له مكانةً أفضل.. فأنت لا تدرك كم كلمة كسرت قلب شخص.. أو غرست عقدة له.. وهذا ليس عند الله بهيّن، ولقد جاء الإسلام لإسعاد الناس وصلاحهم, وليس لقهرهم وإكراههم، والمسلم إنسان حساس يُراعي مشاعر وأحاسيس غيره من البشر, فهو يتمتع بدرجة عالية من الإحساس والتأثر وهو صاحب قلبِ حيّ نابض، وينعكس ذلك كله على سلوكه وتصرفاته.
وللأسف يُبرِّر البعض كلمته الجارحة وفِعْله المؤذي بأنه لم يكن يعرف أن كلمته أو فِعْله هذا يجرح المشاعر، ولكن تبريره مردود عليه لأن هذا سبب جهله وهناك تقصير في التعلم؛ لأن الإسلام فرَض علينا التعلم للتمكن من عمارة الأرض فقال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾فياأخي الحبيب من المؤلم انك تقوم بجرح مشاعر شخص ما في حياتك عن طريق إيذائه بالكلمات الجارحة كمعايرته بفقره او ملابسه أو تأخذك العنصرية، وتكون دائم النقد اللأذع له وأنت تعلم جيداً أنه لن يستطيع ان يفعل لك شيء أو يغير مما هو فيه فهو أمر ليس بيديه وتكون أنت بكل غطرسة مصر علي جرحه أمام الآخرين، وتقليل من شأنه بالرغم من أنه قد يمتلك من العلم والأدب ما يفضله عنك ولكن دائما ما تأخذ الناس بالمظاهر وتأكد أنك لا محال سيُرد لك ما فعلت يوماً ما.
رُبَّ يَوْمٍ بَكَيْتُ مِنْهُ فلمّا
صرت في غيره بكيت عليه
فأقول في مقالي هذا وأستهدف لكل من تجرأ بكلآمه القاسي على الجيل القديم فأرد عليه بلطف وأعلم أن كاتبك اليوم هو المبتدأ وأنت ألخبر قد يكون من الجيل القديم على حسب فهمك.
فيا أخي طبيعة العلاقة بين ألجيلين هي علاقة حرص ونصح من ألجيل ألقديم للجيل ألجديد وكليهما مكملين لبعض، بعلاقة إحترام وتقدير من قِبَل ألجيل ألجديد تجاه ألجيل ألقديم ورسالتهم وآحدة ولكن إختلاف الظروف.
إن مسؤولية ألجيل ألقديم بحكم عقلانيته وحكمته ونضجه تضفي على مسؤوليات الجيل ألجديد تفهماً لتطلعاته ومباركة لطموحاته والأخذ بيده في سبيل أهدافه وغاياته.
لكن ذلك لا يعفي الجيل الجديد من إحترام وتقدير للجيل القديم والتنويه بحكمته وعقلانيته واحترام أفكاره ونصائحه وأخيراً أقول فلنكن عونًا لبعضنا بعضًا على ما نحن فيه من شدة، ولنرحم بعضنا حتى بكلماتنا ليكن وقعها من بعضنا بأقل ما يمكن من القسوة فالكلمة الطيبة صدقة والكلام الجميل قد يغيّر مسار يوم أحدهم بأكمله.. أو حتّى قد يغيّر شيئاً في نفسه إلى الأبد.
عسى أن يكون تراحمنا ببعضنا سببًا من أسباب نصرنا على الكراهية فيما بيننا.
*همسة*
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة فأزيد حلماً كعودٍ زاده الإحراق طيباً
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عمرو حسني
16/03/2022 في 7:28 م[3] رابط التعليق
قال تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء)
ابوالبراء
16/03/2022 في 8:41 م[3] رابط التعليق
كلام جميل ورائع
ومهما اختلفنا يجب ان يكون كلامنا كله محلى بصيغة الادب حتى وان تباعدنا تبقى الذكرى الجميله
لماذا التجريح والدنيا صغيره ونهايتها معروفه فلنكسب الود حتى في الزعل
عبدالمحسن العولقي
18/03/2022 في 1:18 م[3] رابط التعليق
كلام فى قمه الروعه
يا ريت الناس تفهم
جزاك الله خيرا و رحم الله والديك اخى الغالي
عبدالمحسن العولقي
18/03/2022 في 1:22 م[3] رابط التعليق
يا ريت الناس تفهم
إبداع مميز
جزاك الله خيرا