سالم الغانمي
مهما بلغ الإنسان من العمر أو كيفما ارتقى في رتب الدين والدنيا.
إلا وقد كان له في نشأته أقران وفي طفولته أصحاب من قرابة وجيران كان هو وإياهم كأسنان المشط لا يكادون يتمايزون ولا يفترقون إلا في سكن وخدمة أهل فقد درسوا سويا ولعبوا سويا وربما تخاصموا وتصالحوا حتى إذا أتموا التعليم الأولي وخاضوا غمار الحياة العملية دارت بهم عجلة الزمان فأصبح منهم الصالح ومنهم دون ذلك.
وكان منهم الرتبة الوظيفية العالية وكان هناك من دونه
وكان منهم الغني الموسر وكان منهم الفقير المعسر.
ومنهم ومنهم....
ولعبت بهم السنون بمرورها فلم يبق لهم إلا الذكريات الجميلة والشوق إلى مجلس ولقاء يجمعهم ولو بعد سنوات كلٌ أخذ ما كتب الله له من رزق ونال ما قدر الله له من عطاء وكتب عليه من مصائب كله بقدر الله العليم الحكيم.
والمقصود إن من حقوق الأقران فيما بينهم بعد الصلة تفقد ذوي الحاجة منهم، فإن الرجل لا يدري عن حال قرينه إذا لم يتفقده فلربما كان في مأزق يستطيع إعانته منه بمال أو بجاه وشفاعة ولربما كان مدينا أو سجينا وله عيال قد احتضنهم الفقر وخيم عليهم الهم وجاورتهم المسكنة.
ولربما ولربما..
فالقرين يأنس بالقرين ويبثه شكواه التي يأنف من بثها وذكرها لخلوف هم أصغر منه سنا وأبعد عنه فكرا ونشأة.
ولقد ضرب كثير من الكرام أروع الأمثلة في خدمة ومساعدة أقرانهم الذين ابتلوا بالضيق والعسر دونما أن يشعروهم بمنة إحسان أو أذى عطاء فكذلك فليكن القرين مع قرينه، فإن إكرام القرين ومواساته من مكارم الأخلاق ومن خصال المروءة.
وما أبلغ قول الشاعر :
أولى البرية طرا أن تواسيه عند السرور الذي واساك في الحزن
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن