غاليه نعمة الله
حرب أوكرانيا
تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان - والذي امتنعت مصر عن التصويت لصالحه وأصدرت بيانا في شأنه وهو ما أراه موقفا متوازنا ،
وكذا تصاعد حمي العقوبات ضد روسيا واتساعها لتشمل كل شيئ تقريباً وعلي نحو غير مسبوق في تاريخ البشرية ،
واستمرار تعقيد الوضع الميداني في أوكرانيا وغموضه غير الفهوم لدي الكثيرين ،
كلها عوامل تؤكد أن الحرب ستطول وأن نهايتها ليست قريبة وأنها ستشهد تطورات ميدانية أكثر خطورة وقد تقترب بنا من شفير هاوية نخشاها جميعا .
فروسيا لن تتنازل عن هدفها في أخضاع أقاليم أوكرانية لسيطرتها المباشرة وضمها لروسيا لاحقا ، ولن تتنازل عن تحييد أوكرانيا ونزع سلاحها النووي.
وأمريكا ثم أوربا متمسكون بهزيمة روسيا .
واقتصاد العالم ينزف بشدة وتتعاطم معاناة شعوبه .
وتتشكل رويدا ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد يفقد فيه الدولار الأمريكي في الغالب موقعه كعملة العالم الرئيسية ،
حيث تتهيأ الآن الظروف لمخاض نظام مدفوعات صيني روسي هندي سيتطور لتحالف يشمل في الغالب دولا رئيسية أخري في النظام العالمي .
ولعل هذا يفسر الإنزعاج الأمريكي الشديد من الصين والهند والذي بدا واضحا في تصريحات المسئولين الأمريكيين مؤخرا والذين هددو الصين والهند بشكل صريح ومباشر ، خاصة بعد أن اتضح مدي عمق التحالف الصيني الروسي ومعهما تعاطف الهند .
لم تكن حرب أوكرانيا كما توقعنا وغيرنا ورغم كل ما قيل عن مبرراتها سوي شرارة انطلاق عمليات الهدم لنظم وتحالفات سياسية واقتصادية قائمة يراها البعض غير عادلة ، ومثلت هذه الحرب لحظة مناسبة تلاقت فيها إرادات قوي راغبة في أحداث هذا التغيير وإعادة البناء .
استنزاف موارد وطاقات روسيا وأمريكا وأوربا علي حد سواء سيعجل من عملية الهدم والتغيير الذي لا أري فيه سوي المزيد من المعاناة والمواجهات والتنافس الشرس .
وإن كنا نأمل أن يمنح ذلك دول العالم الثالث مساحة مناورة واستفادة أكبر من تعدد أقطاب هذا التنافس .
وأكاد أقول أننا الآن بالفعل في الميل الأول من الحرب العالمية الثالثة التي ربما لا يشعر بعضنا بها أو نحاول طمأنة أنفسنا بأننا مازلنا بعيدين عنها .
فنحن الآن في خضم مواجهات عسكرية تقليدية بدأت أطرافها في التعدد وفي التوسع كما وكيفا . وقد نشهد قريبا أسلحة غير نووية ولكنها أكثر فتكا وقدرة علي الدمار الشامل .
في حين تتسارع خطي الحرب الإقتصادية والتي سيكون شعارها علي ما يبدو كسر الهيمنة الأمريكية ،
ويصعب توقع مآلاتها بشكل دقيق الآن .
أما عرش النظام السياسي العالمي وأيقونته التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية وهي الأمم المتحدة ومؤسساتها والمنظمات المرتبطة بها فإنها محاصرة الآن بتحديات كبري وإشكاليات تزايدت حدتها وخطورتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا .
فهل نستطيع الآن المجاهرة بطلب ربط الأحزمة لاقترابنا من الهبوط في محطتنا الثالثة ؟
أم أن عقلاء الكوكب قد يحدثون اختراقا في اللحظات الحاسمة ؟
دعونا نأمل في ذلك