أميرة السنطاوي
أخذ الحقوق بالباطل قضية شغلت الشعوب جميعاً واهتمت بها فئة كبيرة حول العالم بأكمله وتنقسم هذه القضية إلى عدة فروع ولكن يود الكثير التلاعب بالقوانين للاستيلاء على ما ليس له حق فيه ولا ينظرون إلى عقوباتها في دار الآخرة.
فأخذ الحقوق بالباطل هو ما يأخذ الإنسان ويستولى عليه بغير وجه حق إما سرقة وغصباً أو ظلماً وعدواناً ، أو غشاً واحتيالاً ، وكذلك ما حرمه الإسلام ، وذلك لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " صدق الله العظيم.
فقد أهتم الكثير بالدنيا وملاذها ونسي الآخرة فأخذ الحق بالباطل داء فتاك ومرض عضال ، خطره على الأفراد عظيم وفساده للمجتمع كبير ، ومن وقع فيه مُنعت عنه البركة في صحته ووقته ورزقه وأولاده وعمره ، ومن تدنس بع فحُجبت دعواته.
ورغم هذا فقد يتجه بعض الأفراد للتلاعب بالقوانين بأخذ حقوق بالباطل حجة بالقانون الذي شرعه إنسان بشري وترك ما أنزله المولى عز وجل.
وأمثلة على ذلك من يأكل حقوق غيره في التجارة بحجة ليس هناك أوراق تثبت صحة الكلام المتفق عليه وغفلة قوله سبحانه وتعالى " ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ صدق الله العظيم ]آل عمران: 75 – 77 [
وقوله " ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ صدق الله العظيم ] المائدة: 1 [
وقوله أيضاً ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ صدق الله العظيم ] الفتح: 10[
فالكثير يفرح بما يكسبه من أموال الدنيا ويغفل عن وجود المولى عز وجل ، و أنه سيرد له في ماله وصحته وأولاده متحامياً بالمال الزائل والقوانين المتغيرة والتي ليس لها تأكيد آلهي فقط من صنع البشر الزائلين أيضاً.
وهناك صورة أخرى وهي الأخرى منتشرة أيضاً بكثيرة ، فاليوم نشهد محكمة الأسرة ممتلئة بالأسر ومنهم من يكونوا حديثي الزواج ، فهناك من يريد أخذ حق غير حقه سواء من طرف الزوج أو الزوجة ، وقد نسوا بأن الزواج له قادسيته وأنه ميثاق غليظ يجب احترامه.
فقد قال المولى عز وجل في كتابه الكريم " ﴿ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ صدق الله العظيم ] النساء: 21 [ كما قال سبحانه وتعالى ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ صدق الله العظيم ] سورة الروم 21[ بالإضافة إلى التوعية والنصيحة لهم في قوله تعالى ﴿ هُنَّ لِبَاسٌلَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ ] سورة البقرة 188[ ، وها عكس ما نجده ونشهده هذه الأيام العصيبة فنجد أسرار البيوت على الملئ بل ويمكن إضافة ما ليس له صحة من الأساس.
فأين هذا كله في وجود زوج يطعن بالتزوير عن إمضاءه تهرباً من واجباته ، وأين في وجود زوجة أخذت حقوقها أو جزء منها مع إنكاره بالكامل والتحايل بالقانون وإلغاء الضمير واستخدام المحامين الذين لم يراعوا القسم الذيم نطقوا به والنظر فقط إلى المكاسب من وراء هذا من الأموال.
أين هنا قادسية الزواج وميثاقه ؟ ، أين احترام التعاليم الإسلامية ؟ ، أين التربية السليمة الشريفة ؟ ، أين ما حثنا عليه القرآن الكريم ؟ ، أين الأخلاق والضمائر الإنسانية ؟ . فكيف يصلح لمثل هؤلاء الأفراد أن يمثلون قدوة حسنة للأبناء ؟ كيف سيتم تربية الأطفال على الأخلاق والمثل العليا وهي ليست متوفرة لديهم ؟
الآن نحن في صدد أكثر من قضية في غاية الأهمية ومنهم قضية الفساد الذي أصبح جزء لا يتجزء من حياتنا ، وقضية التربية الصحية التي أصبحنا نفتقدها في ظل هذه المواقف ، وقضية القوانين التي يجب أن تتماشى مع ما أنزل في القرآن ، وقضية التمسك بالأخلاق الإسلامية.
فيجب علينا جميعاً أن نلفت أنظار المجتمع لما يدور والفساد السائد والظلم في ظل اليوم الذي نطالب فيه بتحقيق العدل وإنشاء أجيال صالحة ، وبناء أمة متماسكة بالقيم الدينية والاحترام السائد بين أفرادها.
فنأمل أن يتعامل كل منا بضميره واتخاذه تعاليم الإسلام مرشداً له في تصرفاته وأفعاله لكي نكون أمة إسلامية صالحة خالية من الظلم وأكل الحقوق بالباطل.