د. حسن القثمي
لاشك أن المشروعات البيئية بالمملكة تحظى بالكثير من الاهتمام من كافة القطاعات الحكومية والخاصة والقطاع الثالث لما تحملها من أهداف توعوية وتوفير موارد اقتصادية تساهم في الحد من انتشار السلوكيات غير السوية، مما تتعارض مع مفهوم الحفاظ على البيئة واستدامتها.
ولأهمية هذه المشروعات ودورها في حماية البيئة وصون مواردها، فقد تم اعتماد موضوعها ضمن مواد النظام الأساسي للحكم، وللمملكة جهود دولية في هذا الشأن، منذ عام 1972م.
حيث كانت من الأعضاء المؤسسيين والمؤثرين في إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة والعمل فيه، وشاركت في وضع الاستراتيجية العالمية للصون وترجمتها للنسخة العربية، كما ساهمت في قمة أوبك 2007م، بمبلغ 300 مليون دولار لإنشاء صندوق للأبحاث الخاصة بالطاقة والبيئة، كما احتفلت في 2013م، مع لجنة الأمم المتحدة المشكلة بقراري مجلس الأمن رقم 692 و786، والمعنية بتعويضات حرب الخليج 1991م، بالانتهاء من أكبر مشروع إعمار بيئي كلفها أكثر من 1.1 مليار دولار، بالإضافة إلى تنفيذ برنامجها الوطني للتوعية البيئية والتنمية المستدامة (بيئتي: وطن أخضر علم أخضر- بالمشاركة تحلو الحياة) بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، والجمعيات الأهلية، ومؤسسات القطاع الخاص، وبرنامج الأمم المتحدة للبرامج الإنمائية UNDP ، لرفع الوعي البيئي بالقضايا المحلية والإقليمية والدولية، والتركيز على علاقة البيئة بالتنمية، وتطوير الإجراءات التي تتخذ لحل المشكلات البيئية، وإدارة البيئة ورقابتها بحيث ترتقي سلم أولويات واهتمامات كل شرائح المجتمع، وتعزيز السلوكيات الإيجابية المرتبطة بالمحافظة على البيئة لتحقيق التنمية المستدامة بصفتها واجباً وطنياً لبناء المستقبل البيئي للأجيال المقبلة، فضلاً عن إشراك الجهات الحكومية في تفعيل القوانين واللوائح والأنظمة البيئية التي تقع تحت مسؤوليتها لضمان جودة وحماية البيئة.
وهناك العديد من المشاريع البيئية في المملكة منها: إنشاء أول مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم بمدينة نيوم، والذي يتم إنتاجه بطريقة صديقة للبيئة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، وينتج المشروع نحو 650 مليون طن يومياً من الهيدروجين الأخضر، ويعد مصدر للطاقة النظيفة المطبقة على نطاق واسع ليحدّ بذلك من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمعدّل يقارب الثلاثة ملايين طن سنوياً، والقضاء على انبعاثات الضباب الدخاني والملوثات بما يعادل ما تنتجه نحو 700 الف سيارة.
وتسعى المملكة لتحقيق الريادة في إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود النظيف عالمياً، مما سيجعلها في الوجهة الأهم دولياً لتقديم الحلول المستدامة، ويسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 ودعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره بعيداً عن النفط، كما سيساعد في التصدي للتغير المناخي وتحديات المناخ العالمية من خلال خفض الانبعاثات الكربونية.
وكذلك مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية في منطقة الجوف، على مساحة تزيد على 6كلم 2بتكلفة تصل إلى 300 مليون دولار، ويوفر نحو 930 فرصة عمل في مراحل الإنشاء والتشغيل والصيانة، وسط توقعات بإسهام المشروع بنحو 120مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي، وهو أول مشروع ضمن سلسلة مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة التي جرى إطلاقها في إطار البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الرامي إلى تحقيق رؤية المملكة للطاقة المتجددة بإنتاج 58.7 جيجا وات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030م، وستصبح واحدة من أهم مُنتجي الطاقة النظيفة حول العالم.
إضافة إلى مشروع البحر الأحمر، الذي يعد أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، يهدف إلى تطوير منتجعات سياحية استثنائية في عدد من الجزر الطبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وبالقرب من إحدى المحميات الطبيعية والبراكين الخاملة في المنطقة، وبجانب آثار مدائن صالح التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية.
وسيشكل المشروع وجهة ساحلية رائدة في البحر الأحمر، وحفاظاً على الطابع البيئي للمنطقة، سيتم وضع قوانين وآليات تخص الاستدامة البيئية للمحافظة على الموارد الطبيعية وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير المعمول بها عالمياً.
ولكون المملكة تحظى بوفرة في الأيدي الخبيرة من المعنيين بقضايا وشؤون البيئية، وكذلك رجال الاعمال المهتمين بالاستثمار والمشاركة في برامج وأنشطة ومشاريع التنمية المستدامة، الأمر الذي دعا إلى تأسيس جمعية تعاونية رائدة تعني بالمشاريع البيئية (EPCA) مرخصة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تضم مجموعة من الخبراء المختصين ورجال الأعمال المهتمين في القضايا البيئية للمشاركة في التنمية المستدامة من خلال الاستشارات والتدريب وإدارة المشاريع والمنتجات البيئية لكافة الأنشطة في الطاقة المتجددة، وتغير المناخ، والتأهيل البيئي، وإعادة تدوير النفايات، ومكافحة التصحر، والحياة الفطرية، وفقاً لرؤية المملكة 2030م، وعملاً بالأنظمة واللوائح البيئية المعمول بها بالمملكة.
وتهدف هذه الجمعية إلى تقديم الاستشارات، وتنفيذ المشاريع البيئية، وتوفير المنتجات الصديقة للبيئة، والتخطيط والتنفيذ للبرامج التدريبية المتخصصة لتعزيز القدرات البشرية الوطنية في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، وهي بحق جمعية بيئية تعاونية رائدة تهتم بكافة المشاريع البيئية وتستحق من الجميع التواصل والتعاون معها من أجل بيئة أجمل وأفضل لنا وللأجيال القادمة.
د. حسن عمر القثمي
مستشار في تطوير الأعمال والشراكات
elgethmi@gmail.com