عبدالرحمن منشي
الموت حق وكل إنسان على نفسه بصيرة من أمره، وأنا لا أدري لماذا بعض الناس،، عندما تتكلم او تذكره بالموت يتغير وجه ويعكر المجلس وليس كل الناس طبعاً إلا من رحم ربي.. والعجب أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أكثروا من ذكر هادم اللَّذات) أي الموت، وبعض الناس في زماننا يقولون لا تذكروه، سبحان الله الا تعلم أن هذه مشاقة ومعاندة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرغم علمهم بأن السلف الصالح يُكثرون من ذكر الموت، ويؤكدون على أهمية الاستعداد ليوم المعاد، لأن هذا ما دل عليه الكتاب والسنة ووافقته العقول السليمة، ولكن خَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أضلهم الشيطان، سبحان الله ومن بعض جهل الناس يظن إن تذكر الموت يجعل الإنسان منطويا باكيا، تاركاً نصيبه من الحياة الدنيا، معرضا عن البناء والإنجاز والتقدم وعمارة الأرض. سبحانك ربي الآ يعلم.
أن تَذَكُّر الموت وتذكير الناس به وفق الطريقة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة أمر مطلوب لتليين القلوب.فأقول لهم في مقالي هذا أنهم يتوهمون أن معنى تذكر الموت أن ينزوي الإنسان ويبكي ويترك العمل والصناعة والإنجاز، وهذا من جهلهم، والصواب: أن تذكر الموت هو الذي يجعل المسلم نشيطاً يعمل كل خير ينفع الناس والحيوان، وهو الذي يجعل الإنسان يتقن عمله، ويخدم الناس، ولا يعتدي عليهم، وهو الذي يجعل الإنسان يقوم بالصناعات والابتكارات والأعمال التي تنفع الناس، ومع هذا لا يأخذ ريالاً واحداً بغير حقه، مهما كانت الإغراءات، لأنه يعلم أنه سيموت، وسيُسأل عن ماله، من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وتذكر الموت هو المكافح الأول للفساد المالي والإداري والأخلاقي، والمحقق للنزاهة، وهو المانع من ظلم الناس، وتعطيل التنمية، فالذي جعل الموت ولقاء الله على باله دائما وأبداً، لا يأكل مالاً لا يحل له، لأنه يعلم أن الله لا يخفى عليه شيء، وأنه سيموت وسيُسأل عن كل شيء وأخيراً مذكراً نفسي أولاً ثم غيري بمعترك المنايا
قال الله تعالى(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)، نعمركم، معناه أو لم نعمركم ستين سنة
النذير، يعني الشيب.
وعن أبي هريرة،رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال)أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة)صحيح البخاري،
وأخيراً أقول نعم أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون. فاللهم إغفر لنا وارحمنا وتجاوز برحمتك عنا وأنت اعلم بما أسرارنا وأعلنا.
*همسة*
يا نفسُ توبي فإِن الموتَ قد حانا
واعصِ الهوى فالهوى مازال فَتَّانا
في كل يوم لنا مَيْتٌ نشيعهُ ننسى بمصرعهِ آثارَ مَوْتانا