عبدالرحمن منشي
مع ضغوط الحياة القاسية،أصبح من الصعب على المرء أن يتعايش معها، ولأجل يتعايش ويرتاح باله فلا بدّ للإنسان أن يكون متصالحاً مع نفسه، ومع من حوله، ولا يكون هذا الصلح إلّا بالقلب الطيب والنية الحسنة، والكلمة الطيبة، والمعاملة الطيبة، فإذاً تميلُ النفوس للشخص السَمح، الهيِّن، الليِّن، ذو الروح المنبسطة الطيّبة، الذي يُحوِّل الأمور الصعبة إلى يسيرة بإذن الله،و يبتعد عن العُقَد والتعقيد، ويُشعِر من حوله بأنّ الحياة أكثر رحابةً واتساعاً وسهولة.
فأقول ياحظ ويابخت وفرح غيره ََوأتصف بهذه الأوصاف، والصفات الجميلة التي يطلقها العامة على ذوي الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة كلمتين جميلتين فيقال: فلان «هيِّن .. ليِّن»، وهذا الوصف الجميل جاء في السنة النبوية فقد روى الترمذي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار، وبمن تحرم النار عليه، على كل هين لين قريب سهل».
(فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ).
فما أجمل من يتحلى بهذين الخلقين الجميلين ويكون قريباً من قلوب الناس قبل أن يكون قريباً من أجسادهم ويألفهم ويألفونه، ويحبهم ويحبونه في هاتين الخصلتين الحميدتين من الفضل والخير ما يجمع بين خيري الدنيا والآخرة فصاحبهما محبوب من الناس، محبوب من الخالق ولذلك بشَّر الرسول صلى الله عليه وسلم صاحبهما بأنه يحرم على النار وتحرم النار عليه.
سبحان الله وصاحب هذه الصفات لا تسمع عنه إلا كل خير، ولا يعرف الحسد ولا التباغض ويعامل المسلمين كأنهم إخوانه فلا يظلمهم ولا ينصر عليهم وتراه يحب لغيره ما يحب لنفسه ويحسن الظن بالآخرين، ولا يبخس الناس أشياءهم ولا يتوقف أمره على الإنصاف فحسب بل يزيد على ذلك بالإحسان، وإسداء المعروف وقضاء حوائج الناس وكثيراً الآن في حاجتها، نعم ساعياً في قضاء حوائج الناس بلا مَنّ ولا أذى.
ولكن الشيئ الغريب الذي أريد قوله في هذا المقال، شيئاً غريباً يكون الإنسان ودوداً وهيناً ليناً مع البعيدين وفظاً غليظاً مع أهله وأقربائه وزملائه والمحيطين به حتى بعضهم مع جماعة المسجد يكون فظاً نسأل الله السلامة وأن يصلح حالنا وحالهم، وغالب ما يتصفون بهذه الصفات هم أصحاب المصالح والأخلاق المصطنعة الذين لا يدوم ودهم ولا محبتهم فيعودون لطبيعتهم بعد انقضاء مصالحهم. وهنا تأتي المقارنة فأقول شتان بين شخص لين الجانب وتراه سمحاً مع الناس محباً للخير، وبين آخر فظ غليظ ينفر الناس منه ولا يطيقونه، وبئس أخو العشيرة من كان هذا حاله فلا يألف ولا يؤلف.
وأخيراً باللين راعوا مشاعر بعضكم واحذروا من كسرة النفس لأنها مؤلمة، فالكلمة الطيبة صدقة، والهين اللين
وتبسمه في وجه أخيه واسعاده كلها أعمال يحبها المولى عز وجل، ولا تنسوا جبر الخواطر فهمي أقرب عبادة للتقرب من الله،ونعمل ونجتهد وننتبه بحرص في كل أفعالنا، خوفاً أن نسأل في يوماً ما عن عين أبكيتها، وعن نفس كسرتها، وعن قلب أوجعته، وعن روح كنت سببا في فقدها لأمانها وإطمئنانها.
فأحذر أخي الغالي أن يشتكيك أحد إلى الله.. اللهم إجعلنا ممن أصلحت قلوبهم، ويسرت امورهم وسترت عيوبهم وغفرت ذنبهم واستجبت دعائهم اللهم أمين يارب العالمين.
*همسة *
إن الإحساس بالظلم أو الحرمان، قد يدفع الآخرين للتوتر ويجعلهم يعيشون مواقف كثيرة فيها انتقاص منهم ومن حقوقهم ومن إنسانيتهم ويحاولون تعويض ذلك بالنظر الى بعضهم بعضا بعين الشك وعين القسوة أحيانا، وبكل أسف هذه حقيقة يعيشها كثيرون ولا بد أن يعود الإنسان إلى طبيعته الفطرية باللين، فهي جماليات وأخلاق حسنة وصفات طيبة تمسكوا بها حتى لانفقدها.
التعليقات 1
1 pings
الكاتب طارق مبروك السعيد
09/09/2022 في 7:01 ص[3] رابط التعليق
شكرا أستاذ عبدالرحمن منشي في تذكير الناس بحسن الصفات بالتعود على الاخلاق الحميدة بالكلمة الطيبة..
وفي زمن كثر فيه انشغال الناس بالأمور الدنيوية والقول الفاحش ..!
نحتاج فعلا لمن يذكرنا بحسن وجمال الكمة الطيبة ،،
لا شك أن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح، والشجرة تثمر الثمر النافع ..
قال تعالي{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10].