الكاتب : سالم الغانمي
خلق الله تعالى الفلك غاية في الانتظام والحركة وآية مبهرة على قدرته سبحانه فملايين النجوم والكواكب والأجرام السماوية كل في مساره ومجراه لا يخطيه ولا يتجاوزه (كل يجري لأجل مسمى) فسبحان الخالق القدير.
ويدرك عموم الناس هذه الآية إجمالاً وما يدركه علماء الفلك وأهل الحساب الفلكي من الآيات ومظاهر قدرة الله تعالى أكثر وأكثر لمن هداه الله لذلك.
وإن من رحمة الله تعالى بعباده وتنبيهه لهم ما يجريه من تغيير للسنة الكونية في مسار الفلك أحيانا ويظهر ذلك جليا في النيرين الشمس والقمر في كسوف الشمس وخسوف القمر وذهاب ضوئهما كليا أو جزئيا حسب تقدير العزيز العليم.
وهذا الأمر وإن كان حدثا فلكيا مشاهدا ومعلوما لأهل الحساب الفلكي قبل وقوعه إلا إن له سببا شرعيا وله أحكام وآداب يشرع للمسلم فعلها والقيام بها.
وقد دون أهل العلم الشرعي وفقهاء الأمة قديما وحديثا ما يشرع للمسلم فعله والتقرب إلى الله به وهي معلومة وإنما هذا تذكير ببعضها :
الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله تعالى بهما عباده ويذكرهم إيقاظا للقلوب الغافلة أو لمن شغلته معاصيه عن عبادة طاعة ربه ومولاه.
إن للكسوف سببا حسيا وهو حيلولة القمر دون ضوء الشمس، وله أيضا سبب شرعي وهو التخويف والتذكير وإيقاظ القلوب ولا تنافي بينهما.
العلم بوقت الكسوف قبل وقوعه ليس من ادعاء علم الغيب وليس من علم الغيب المطلق الذي لا يعلمه الله بل هي علوم دقيقة هدى الله بعض عباده لمعرفتها والعلم بها وليست رجما بالغيب.
تشرع الصلاة لكل كسوف كليا أو جزئيا بالمشاهدة وليس بمجرد الإخبار الفلكي، كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة وكان ذلك ضحى، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف بصفتها المعروفة مرة واحدة ولم يحفظ عنه صلاة غيرها.
كسوف الشمس لا يكون ولا يقع إلا آخر الشهر الهجري.
صلاة الكسوف سنة مؤكدة عند جهور الفقهاء وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها.
تشرع صلاة الكسوف جماعة في المساجد ويجهر فيها الإمام بالقراءة وتجوز فرادى وتجوز في السفر كذلك يشرع للنساء حضور صلاة الكسوف في المساجد.
السنة الإطالة في صلاة الكسوف في القيام والركوع والسجود ما لم يشق الإمام على المصلين، وتسن الخطبة والموعظة بعد الصلاة ومما يشرع الدعاء والاستغفار والصدقة والتوبة.
اللهم إننا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك، اللهم أدم علينا فضلك وأسبغ علينا عطاءك واحفظ لنا ديننا ووطننا وأمننا وولاة أمرنا وكل خير عندنا.