الكاتب : أحمد الشهري
المدرسة هي رحلة عمر، فهي مجموعة مراحل يمر فيها جميع الأطفال منذ نعومة أظفارهم حتى مراهقتهم وشبابهم، إذ تُعَدُّ المدرسة البيت الثاني والمعلم والمربي الذي يصقل الطفل ويقوِّمه ويُغني مهاراته ويبرز مواهبه ويوجهه إلى الطريق الصحيح، فهي تمده بالعلم والمعرفة وتشارك والديه بتربيته وإغنائه بالقيم المثلى، وتَبني شخصيته وثقته بنفسه، وتُعَدُّ الرحلة الأولى التي يواجه فيها الطفل الحياة الاجتماعية خارج نطاق منزله وبعيداً عن أهله.
مع التطور العلمي الذي وصل إليه العالم زادت التحديات التي تواجه المدارس وذلك لتهيئة الأجيال القادمة لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل ومواكبة التطور والتقدم الحضاري، وتعد المدرسة من أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية بسبب دورها التربوي والتعليمي، وهي تأتي في أهميتها في المرتبة الثانية بعد الأسرة، فالمدرسة هي ميدان صقل شخصية الطالب ومهاراته وقدراته المختلفة في شتى المجالات.
ربما يعتقد الكثيرون أن أهمية وفائدة المدرسة محصورة فقط في التعليم وحسب، لكن دور المدرسة يتعدى هذا الجانب بكثير، وهو دور لا يمكن قياسه ولا حصر فوائده على الطالب، فهي ضرورية لحياة الطالب لأنها جزء أساسي من حياته فهو يقضي معظم وقته فيها، من هنا جاءت فكرة أهمية توفر بيئة مدرسية آمنة للطالب، وتسليط الضوء على واقع التوافق المدرسي لدى الطلاب.
أهميّة المدرسة للطالب وأسرته تكمن في مشاركة الأسرة جنباً إلى جنب في تربية الطالب، لأنّه يقضي ساعات طويلة يومياً في أروقتها، ولها دور في تنمية شخصيّة الطالب الاجتماعية؛ فالمدرسة ليست مكاناً للعلم وحسب، بل هي حاضنة اجتماعيّة تُحتم على الطالب الاحتكاك بالآخرين، سواء أكانوا زملاءه الطلبة أم مُعلميه، وتعمل على مساعدة ذوي الطلبة على اكتشاف مواهب أطفالهم وتطويرها.
في المدرسة يتم القضاء على الروتين والملل، الذي سيشعر به آلاف الطلبة، في حال بقائهم في منازلهم يومياً، وفيها يتم جمع كلّ الطلبة تحت سقف واحد، مما يؤكد على حق الجميع في أولوية الحصول على العلم والتعلم، وإلغاء الفروق الاجتماعيّة بين الطلبة، وتدفع المدرسة الطالب نحو تحمل المسؤولية تدريجياً؛ عبر إعطائه الواجبات والفروض المدرسيّة، ومطالبته بحلها بشكل صحيح، إلى جانب اختباره عبر سلسلة من الامتحانات المنظمة والمدروسة، وذلك بحسب كلّ مرحلة دراسيّة.
تعمل المدرسة على جعل الطالب شخصاً مُنتجاً في الحياة وذا أهمية، فهو يستيقظ باكراً ليرتدي زيه المدرسي، ويتناول فطوره، ثمّ يذهب إلى المدرسة، ويحضر الحصص، ويعود إلى المنزل ليتابع من جديد ما تلقاه من دروس، وتقوم بفسح المجال أمام الطالب للتعبير عن نفسه، وتعريفه على البيئات المختلفة خارج أسوار المدرسة، ويكون ذلك بتفعيل النشاطات اللامنهجية، وتنظيم الرحلات المدرسية، إلى جانب أهمية المدرسة بالنسبة للطالب من ناحية علاقات الصداقة التي ينسجها مع الطلاب الآخرين، ويعتبر الكثيرون صديق المدرسة هو الأفضل.
المدرسة هي البناء المؤسسي والتربوي والاجتماعي الذي يتلقى فيه الطلبة علمهم ويتم الكشف عن قدراتهم ومهاراتهم التي تتناسب مع ميولهم واحتياجاتهم، إذ تعمل المدرسة جنبا إلى جنب مع الأسرة لتنشئة الأجيال وزرع القيم والأخلاق وتنمية إمكانياتهم وصقل شخصياتهم، كما تعمل المدرسة على حث الطلبة وتشجيعهم للحفاظ على قيم مجتمعهم وعاداته وتعزيز قيم الانتماء والمواطنة، كما تلعب المدرسة دورا مهما في تطوير وبناء المجتمع عبر رفده بأفراد قادرين وذوي كفاءة لتحقيق تقدمه وازدهاره.