الكاتبة : غاليه نعمة الله
مسمار خطير فى نعش الأمم المتحدة
كان أول مسمار في نعش الأمم المتحدة التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية كمنبر للعدالة وضمير للعالم وملجأ للمظلومين هو سوء استخدام الدول الخمس الكبري صاحبة حق الڤيتو في مجلس الأمن لهذا الحق وتسخيره أساساً لخدمة مصالحها ومواقفها السياسية .
وبما أفقد الأمم المتحدة ركيزة شرعيتها الدوليه وهي تحقيق العدالة والسلام والأمن الدوليين وإحقاق الحق والدفاع عنه وردع المعتدي .
وتأكد ذلك بشكل جليّْ بعد حرب ٦٧ وإخفاق مجلس الأمن حتي في تنفيذ قراراته التي ضرب بها الطرف المعتدي - ولا يزال - عرض الحائط .
ثم جاءت حرب العراق وتشكيل تحالف دولي خارج ميثاق الأمم المتحده التي باركته ليكون مسماراً آخر في نعش الأمم المتحدة والتشكيك في حياديتها والطعن في شرعيتها .
وتتابعت وتوالت اللطمات والطعنات من كل حدب وصوب في نعش الأمم المتحدة الذي بدت عليه الآن مظاهر التآكل ومؤشرات الإنهيار ولو بعد حين قد لا يكون بعيدا .
حتي اقترب اليوم الذي ستتلقي فيه المنظمة الدولية الطعنة الأكبر والأخطر والذي قد تعجل ببداية مرحلة أفولها وانهيارها .
فيوم الإثنين القادم ١٤ الجاري ستستأنف الدورة الإستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحده ( بعد إخفاق مجلس الأمن نتيجة استخدام روسيا لحق الڤيتو ) لبحث موضوع الإعتداء الروسي علي أوكرانيا واعتماد قرار مقدم من هولندا وكندا وجواتيمالا وأوكرانيا ينشئ جهازا خارج ميثاق الأمم المتحدة وأُطُرِها المعروفة يتوقع أن تسيطر عليه كالعادة الدول الغربية ، وهدفه حصر الأضرار التي لحقت بأوكرانيا من الغزو الروسي تمهيدا لمصادرة الممتلكات والأرصدة الروسية في الدول الغربية وغيرها إن أمكن ، وعلي ما يبدو تعجيز روسيا إقتصادياً . وذلك وفقاً لتقدير أحد كبار خبرائنا في الأمم المتحدة الذي أتفق معه فيه .
تضغط روسيا حالياً للتحذير من تمرير هذا القرار ونتائجه . وتحاول إقناع دول العالم الثالث بمعارضته .
وهو أمر أشك كثيرا في إمكانية تحققه بالنظر إلي تغول النفوذ الأمريكي والأوربي علي الأمم المتحده والتأثير علي أعضائها ولو بدرجات متفاوته .
وبكل صراحة لا يعنيني كثيراً ما سيلحق بروسيا من خسائر ، قدر ما يعنيني التداعيات التي ستتلو هذا القرار وانعكاسات القرار ذاته علي مصر بشكل غير مباشر .
وأعتقد بأن أول تداعيات تمرير هذا القرار هو احتمال أن ينجح القرار بالفعل في إضعاف روسيا أو حتي هزيمتها في أوكرانيا .
وما قد يمثله ذلك من تهديد نووي حقيقي قد تلجأ إليه روسيا كخيار أخير .
ثاني تداعيات هذا القرار المتوقع هو تسارع وتيرة البحث عن أطر جديدة إقليمية ودولية وتفعيل دورها وتوسيعه ليطغي ويضعف من دور الأمم المتحده ويهدد بقاء وشرعية المنظمة ذاتها .
خاصة مع تنامي طموحات القوي العالمية الكبري الأخري ومنها الصين والهند والبرازيل وغيرهم .
ثالث هذه التداعيات هو حالة الغموض والضبابية وربما الفوضي العالمية التي قد تتواكب مع ذلك نتيجة اختلال المعايير واختلاط الأدوار وسعي الولايات المتحده وحلفائها للهيمنه والانفراد بالقوة والإبقاء علي الوضع الراهن والتمسك بالأمم المتحدة رغم ما يعتريها من خلل جسيم في الدور والأداء .
وهو نفس المناخ الذي ساد العالم بُعيدَ الحرب العالمية الأولي ومهد المسرح الدولي للحرب العالمية الثانية .
أتوقع شخصياً أن تتخلي الصين عن امتناعها التقليدي عن التصويت وأن تصوت لصالح روسيا إذا طرِح القرار بالصياغة والهدف المتوقعين .
فما سيحدث من تأديب وعقاب لروسيا بموجب هذا القرار سيكون سابقة تُحْتَذي وتطبق علي الصين إذا ما غزت تايوان وضمتها كقطعة من الوطن الأم وهو أمر متوقع .
وسيكون ذلك أيضاً سابقة ستطبق علينا نحن ، وقد تغُلّْ ما تبقي لنا من أياد قد نُضطر إلي استخدامها ولو مستقبلا للدفاع عن حقوقنا في الحياة والبقاء والأمن والإستقرار .
إنتبهوا أيها الساده