الكاتب : تركي بن عبيد
وأثره في إصلاح الفرد تتنامى وفاعليّته بمدى توظيف نتائجه في الحياة العمليّة، واستدراك الأخطاء بتصحيحها، والمباشرة في المُضيِّ بخطوات واثقة نحو مسارٍ ناضج، وقويم، وكما ينطبق هذا الأمر على الفرد، فإنّه ينطبق على المجتمع.
الخطوات التي يجدر بنا الإشارة إليها في حديثنا عن النقد الشخصي ، وأهمّيته في إصلاح الفرد والمجتمع؛ فالنقد الشخصي للفرد يبدأ بمراقبة النفس في حاضرها، ماضيها مُنشغِلاً بأخطائها عن تتبُّع أخطاء الناس؛ ليتمكَّن من محاسبتها وتقويم مسارها وذلك بالإنصاف والتعقُّل والمُلاطَفة.
ومن الجدير بالذكر أنّ المجتمعات النرجسيّة تأبى أن تتقبَّل النقد الشخصي فهي تعتقد أنّها أعلى من التقييم، والمحاسبة، وكأنّ لها نصيباً من العصمة، والعجيب أنّ المجتمعات الأقلّ مكانةً، وثقافةً، وتحضُّراً، تشتركُ مع هذه المجتمعات في عدم تقبُّلها للنقد الشخصي مع فارق الدوافع.
وتعقيداً؛ وذلك لارتباطها بعدّة عوامل رئيسيّة يتشاركها أفراد المجتمع، مُثقَّفيه، وقادته المُؤثِّرين فيه؛ فالثقافة، والخطاب الإعلاميّ المُوجَّه للشعوب كلّها عوامل مُؤثِّرة بقوّة في طريقة نظرة المجتمع لواجباته، وحقوقه، وأسلوب تعامله مع ما يعترض طريقه من تحدّيات، ومواقف.
الوعي ثقافة المجتمع، وتحضُّره، يساهم مباشرة في فَهم المُتغيِّرات الطارئة عليه، ممّا يساهم في مقدرته على التعامُل معها بمستوىً حضاريّ يتناسب مع مستواه الثقافيّ المجهود على النخبة الثقافيّة، وقادة الرأي العامل في المجتمع، وأسلوب الخطاب المُوجَّه إليه من قِبَل وسائل التواصل فإذا كان الخطاب شعبويّاً تغلبُ عليه نبرة التحشيد، الشَّحن العاطفيّ، التحريض ، أو دون مُسوِّغات منطقيّة أو براهين مُثبَتة، فإنّ هذا الحال ، إذ إنّ التوجيه للمجتمع الذي يبدو مُبرّراً لوسائل التواصل، وقادة رأيه يبدو جَلَيّاً حينها، وهذا الحال يُعطِّل فاعليّة المجتمع، وقدراته الفِكريّة، والإنتاجيّة، والإبداعيّة، ممّا يُضيف إلى مَهمّة النقد الشخصي عِبئاً يحمله المُثقَّفون في استقلالهم عن موجة التحشيد السطحيّ
والتوجيه الغوغائيّ، وتَصدِّيهم لها، كما يضيف عِبئا آخر إلى المجتمع، حيث يتمثّل هذا العبء في الفرد فيتحلّى بمسؤوليّة المبادرة؛ لصناعة حاضره، والكفاح لتشكيل مستقبله، وذلك على الضدّ ممّا كان يُملى عليه من الاخرين.