الكاتب : أيمن الخميسي
بعض الأشخاص بداخلهم قوى علمية خفية خامدة لا يُخرجها سوى الاستفزاز، وهذه القوى الخفية تُولِّدُ ذكاءً خارقاً توصل صاحبها إلى التفوق على أهل التخصص في العلم الذي يميل إليه!
ومن جميل القصص التي قرأتها لطالبٍ غربي والذي كان متوسطاً في ذكائه ومستواه الدراسي إلى أن استفزه معلمه فأصبح من عباقرة العالم ونابغة زمانه في علم الرياضيات!
هذا الطالب اسمه جورج برنارد حضر محاضرة في الجامعة لمادة الرياضيات عند الدكتور جيرزي نيمان، فجلس جورج في القاعة وغلب عليه النوم فنام بهدوءٍ دون أن يشعر به أحد، وعند انتهاء المحاضرة أيقظه الدكتور ونهره، فنظر جورج إلى السبورة فوجد أن الدكتور قد كتب عليها مسألتين فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة ظاناً بأنها واجب اليوم، وعندما رجع الى البيت أراد أن يكفر عن ذنبه ويحسن صورته أمام أستاذه بدء في حل المسألتين ولكن للأسف لم يجد لها حلاًّ، فضلَّ عاكفاً عليها أربعة أيام في مكتبة الجامعة وفي منزله متنقلا بين مرجع ومرجع إلى أن وجد حلاًّ لها وفك عقدها ورموزها!
حضر المحاضرة، ولم يطلب الدكتور منهم الواجب فتعجب منه جورج، وفي نهاية المحاضرة قال جورج له: لقد طلبت مِنّا واجباً ولقد حللته بصعوبة!
تبسم الدكتور وقال له: أنا لم أطلب منكم شيئاً، وتلك المسألتان التي كتبتها كانتا مثالاً على أن بعض المسائل ليس لها حلاًّ في الحياة، فأخذ منه الورقات وعرضها على علماء القسم فوجدوا الحل صحيحاً وعلى أسسٍ علمية دقيقة!
فدخل عليه معلمه وهو مبتسمٌ ويقول له: لقد حللتها يا جورج، وتبناه هذا الدكتور في الجامعة إلى أن أخذ درجة الدكتوراه منها، وأوراقه التي حل عليها المسألة معلقة إلى اليوم في تلك الجامعة!
ومن أولئك الذين استفزهم الناس وأصبحوا علماء ابن حزم رحمه الله، وذلك أنه شهد جنازةً لرجل كبير من إخوان أبيه، فدخل المسجدَ قبل صلاة العصر والنَّاس مجتمعون فيه، فجلس ولم يركع، فأشار إليه أستاذُه الذي رباه بأن يقوم لصلاة تحية المسجد، فلم يفهم وجلس فقال له بعض المجاورين له: أبلغت هذه السن ولا تعلم أنَّ تحية المسجد واجبة؟ -والراجح أنَّها ليست واجبة-، وكان قد بلغ حينئذ ستة وعشرين عاماً، قال: فقمت وركعت، وفهمت إذاً إشارة الأستاذ إليّ بذلك، قال: فلمَّا انصرفنا من الصلاة على الجنازة الى المسجد مشاركةً للأحباء من أقرباء الميت دخلت المسجد، فبادرتُ بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس هذا وقتَ صلاة، فانصرف ابن حزم من المسجد وقد أُصيب بالإحراج الشديد من جهله وقرَّر اللجوء إلى دروس العلم فأصبح من علماء الظاهرية!
والشاهد من ذلك أن مِنْ الناس مَنْ يتفجرُ ذكائه إذا استفزه أحد، فيثور البركان الذي بداخله ويرمي الحمم العلمية التي قد تفوق المخالف بمراحل!
التعليقات 2
2 pings
مصطفى البيومي
23/01/2023 في 9:27 م[3] رابط التعليق
اللهم إنا نسألك علما نافعا وعملا متقبلا
أبا عامر
24/01/2023 في 2:46 م[3] رابط التعليق
ما شاء الله ، جوامع كلِم ، ربي يسعدك