الكاتب : أيمن الخميسي
هناك بعض الأفكار عند بعض الناس تضل حبيسة في صدره حتى الموت ولا يستطيع البوح بها، أو قد يخرجها آخر حياته بعد انفجار يصيبه، أو يخفيها عن العامة ويبديها للخاصة، ولهذا السكوت عدة احتمالات، قد يكون السبب هو الخوف والرهبة من ردة الفعل، أو قد تكون المصلحة في عدم إشهار الفكرة، أو قد لا يكون في النشر فائدة، وفي كلا الحالات صاحبها معذور وله في ذلك سلف !
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو مضرب المثل في كتمان بعض العلم الذي لا تتعلق به أحكاماً أو المصلحة في عدم بثه حيث قال :( حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قُطِعَ هذا الحلقوم).
ومن جميل ما قيل في عدم التكلم للمصلحة "ليس كل ما يُعْرَف يُقال، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله".
قال الشاطبي رحمه الله في كتابه المقاصد '' ليس كل علمٍ يُبَث ويُنْشَر، وإنْ كان حقاً''، وشاهد قول الشاطبي قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول : كُنْتُ رِدْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى حِمارٍ، يُقالُ له: عُفَيْرٌ، قالَ: فقالَ: يا مُعاذُ، تَدْرِي ما حَقُّ اللهِ علَى العِبادِ؟ وما حَقُّ العِبادِ علَى اللهِ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّ حَقَّ اللهِ علَى العِبادِ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحَقَّ العِبادِ علَى اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ لا يُعَذِّبَ مَن لا يُشْرِكُ به شيئًا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قالَ: لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا".
و أما العلم الذي يحتاجه الناس لإقامة دينهم وعباداتهم فلا يجوز كتمانه بلا عذر وفيه جاء الوعيد قال النبي ﷺ: "من سئل عن علم، فكتمه؛ ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار".