الكاتب : علي العلوي
بعد أن عاش ابو احمد عراكا وكفاحا طويلا مع الحياة وبعد أن أطمن على حال ومستقبل أبنائه وتخرج بعضهم من الجامعات وخطوبه ابنته من ابن عمها وتامين السكن الائق والمناسب لأفراد أسرته وزوجته وبعد أن ادي رسالته في تربية الأبناء وتامين السكن والمستقبل لأبنائه رأي انه في حاجة للأكسدة النفسية والتغير وبناء الذات من جديد بعد تعب وكفاح مع الحياة طوال هذه السنين.
قرر ابو احمد ان يتحرر من قيود الروتين والضغوط وأن يعود لسابق عهده كما كان من قبل قبل أن يصبح زوجا واباً أراد التغير والتجديد وان يكون شيئا وان يسكر ويتجاوز كل القيود وان لايستسلم لأي انتقاد متذكرا قول البرت هوبارد ( لكي تتجنب الانتقاد لاتعمل شيئا ولاتقل شيئا والا تكن شيئا) وهو بالفعل يريد أن يفعل شيئا وان يكون شيئا برغم من معرفته بما سيناله من انتقادات حاده من مجتمعه السلبي المتخلف العقيم اخذ في التخطيط والترتيب لحياه جديده سعيده فأبو احمد رجل منظم يحب التنظيم والترتيب والتخطيط والتوازن في كل شؤن حياته وجميع خطواته مدروسه ومرتبه مسبقا ولديه فرصه أخرى لعيش الحياه فهو مازال في مطلع الخمسينات من العمر.
فكانت أولى خطواته ادخار مبلغ جيدا من المال وأعاده الاهتمام بمظهره واناقته والاعتناء بنفسه كما كانت عادته سابقا خطط أيضا لعوده لسفر والسياحة والاستَجمام والاسترخاء والتنزه ورؤيه العالم من جديد خطط وفكر أيضا في التوازن بين حاجاته ومتطلباته وبين احتياجات أسرته.
فكما ذكرت ان ابو احمد رجل أنيق جميل منظم محب لترتيب والنظام وبعد صبر فتره من الزمن ادخر ابو احمد مبلغا جيدا من المال وبدأ في تنفيذ مايريد ان ينفذه ويحققه بدا في التواصل مع صديقه القديم سامي الذي يسكن المدينه لظروف عمله والذي لم يكن ليقطعه من قبل برغم ظروف ومشاغل الحياه فهو من اقرب الأصدقاء لنفسه ولارتياحه له ولما بينهم من التفاهم والانسجام على الرغم ان هذا الصديق يصغره بعده سنوات من العمر.
تدارس الصديقان التخطيط لسفر في الاجازه في جوله حول بعض دول العالم واخذ الصديق القديم لابو الحمد الذي يسكن المدينة في ترتيب حجوزات السفر من طيران وفنادق وغير ذلك مبكراً.
بدأ ابو احمد في الاهتمام بمظهره ذهب لافضل الخياطين وقام بتفصيل مجموعة من الاثواب الزاهيه الجميلة وباقي المستلزمات لظهور بها في مجتمعه في حال الخروج ولمناسبات الاجتماعية ثم ذهب لمدينه في أحد الإجازات لشراء مستلزمات السفر أشتري مجموعة من التيشيرتات والبنطلونات والقمصان من أرقى الماركات العالمية، اقتني ساعة أيضا ذات ماركة عالمية مميزه واقتني بعض العطور الباريسية النفاذه والاحذية الايطالية اللامعه بعد ذلك أصبح ابو احمد يذهب لحلاق مرتين على الاقل في الأسبوع لتنعيم ذقنه وتهذيب شاربه وأحيانا لصباغه شعره.
بدأ ابو احمد لظهور لناس ولمجتمه من جديد وفي حله جديده وهو في كامل اناقته واهتمامه بمظهره وبدأ في العوده لأصدقائه القدامى والذهاب للأنس والاجتماع معهم في استراحاتهم المعهوده.
رحب الجميع بعوده ابو احمد بعد غيابه فترات طويله كان يعيشها في انعزال مع ظروف ومشاغل الحياة فابو احمد شخص محبوب من الجميع لحسن خلقه وادبه وتواضعة وطيبة قلبه فالود متبادل بينه وبين جميع الناس فلا تجد ابو احمد علي خلاف أو عداء مع أحد فهو محبوب من الجميع وابو أحمد إضافه الي حسن سجاياه وطيب معشره رجل يودي حقوق الله من فرائض وصلوات وحج وعمره وبر والدين وغير ذلك من الطاعات.
وفي أحد الليالي تواصل معه بعض أصدقائه من جلاس الاستراحه مخبره بوليمه عشاء جماعية لجميع ولبعض من زملاء الدراسه سابقا ممن يعرفهم ابو احمد مسبقا لبى الدعوه بصدر رحب جاء الوقت المحدد وذهب ابو احمد لاستراحه وجاء وقت العشاء وتهايو جميعا لتناول طعام العشاء فارخي ابو احمد شماغه الانيق وازاحه جانبا وجلسو لتناول طعام العشاء وبعدها جلسو لتحدث والإنس والمسامره فضفض ابو احمد لاصدقاءه انه ينوي السفر مع صديقه وابن قريته سامي والذي يعرفه الجميع لسفر لعده دول خارج البلاد للستجمام والتنزه فقهقهه أحدهم قائلا ان سامي أصغر منك ويصغرك سنا وهو كأحد أبنائك وقهقهه ضاحكا ضاربا كفيه بعضهم البعض لاحظ اخر صبغه شعر ابواحمد والتي تبدو حديثه وتزين شعره المخضب ببسلم لامع فقال ممازحا الا تحترم سنك يارجل ما هذه الصبغه وماهذا التصابي لن تعد كما كنت مهما عملت وضحك من كلامه الجميع مقهقهين.
أخذ ابو احمد هذا الحديث على محمل المزح والمداعبه على الرغم من تأثير ذلك في نفسه ثم دارت بعد ذلك أحاديث أخرى شتى متفرقه.
وبعد فتره من ظهور ابو احمد المتكرر في المجتمع والأسواق والاستراحات والمناسبات أصبح ملفتا لنظر لتكلفه في الاهتمام بالمظهر والاناقة وعطوره الفواحه وحلاقة ذقنه وصباغة شعره فأصبح محمل سخريه واستهزاء من الغالبية ومحل حديث الآخرين وأصبحت تصل لمسامع ابو احمد بعض الكلمات الجارحه واللاذعة ومنهم من يصفه بالمتصابي ومنهم من يصفه بالمنتكس والمنحرف والخارج عن جاده الحق والطريق وتوالت عليه الانتقادات الجارحه والمولمه وابو أحمد يسمع ويرى نظرات السخريه والاستهزاء من الآخرين وهو يتحمل كل تلك الضغوطات النفسيه والكلمات الجارحه وغير ذلك على الرغم انه لم يرتكب أي جريمة ولم يتعدي حدود الأدب على الرغم من التزامه بصلاته وطاعاته وأداء واجباته تجاه نفسه وأسرته.
أخذ أمام المسجد المتشدد ذات مره بيد ابو احمد بعد أداء بعض الفروض ونصحه قائلا سمعنا بأنك تريد السفر لخارج فهناك يابني سيتحاح لك رؤيه المتبرجات وحانات وكباريهات السكر والفسق والمجنون وسمعنا انك أصبحت تسهر في الاستراحات وتذهب لحفلات وتصبغ شعرك وتحلق ذقنك خاف الله وعد لربك يا ابني وأحترم سنك كان هذا الحديث المؤلم وابو أحمد يحتمل ويحترق داخليا ولحسن أدبه واخلاقه لم يحب أن يقاطع الإمام الناصح ويقول له لقد نسيت ياشيخ ان نظرتك لسفر قاصره على المتبرجات والسكر والمجون ونسيت فوائد السفر الأخرى فأنا لا ابحث عن كل ماذكرت ياشيخنا لي في السفر اهتمامات أخرى ولنفسي حق علي ان اهتم بمظهري ونطافتي واناقتي وان ارفه على نفسي أن أرى العالم ولم ارتكب حدا شرعيا أو كبيره من كبائر الذنوب.
لكنه صبر وتحمل مراره الحديث ومازلت الضغوط الاجتماعية البغضيه تتوالى على ابو احمد الإنسان الطيب الخلوق فابو احمد بطبعه رقيق المشاعر مرهف الحس والعواطف لم يراعي المجتمع البغيض صفات ابو احمد الجميلة عاملوه بالشاكوش والمطرقة.
وفي ذات مره رجع أحد أصدقائه إلى البيت وقهقهه ضاحكا أمام زوجته فقالت له مايضحك يارجل فقال لها ابو احمد زوج صديقتك ام احمد بعد كل هذا العمر يريد أن يصبح شبابا كما كان وينوي السفر في الاجازة لخارج البلاد استنكرت زوجته وشهقت مستنكره ضاربه بيدها على صدرها كأنما مصيبة وقعت وبدت تشيع لأمر لصديقاتها من نسوه الحي حتى وصل الخبر لام احمد.
وفي ذات ليله عندما كان ابو احمد عائدا من الاستراحة وهم بالدخول لمنزله فإذا بامراته واقفة على الباب منكوشه الشعر تنتظره في مرارة وضجر واضعه يديها في وسطها وتهز بإحدى رجليها والشر المستطير بين عينها قأئله له بصوت صارخ مزعج تصابيت وحلقت ذقنك وصبغت شعرك وانزويت في غرفتك عاكفا على جوالك فلم نقل شيا لكن تصل بك لعوده لسفر خارج البلاد والجري وراء النسوه المتبرجات وانقاق المال في الحانات والكبريهات فهذا لا ارضاه هي أيضا تفكر بنفس تفكير اغلبيه المجتمع وشيخ الجامع المتشدد.
ذهب ابو احمد إلى غرفته صامتا متألما لاحقته هناك وانهالات عليه بالشتم والسب والكلام القبيح الجارح احتدم النقاش بينهم وخرج ابو احمد عن صمته المطبق وبدو يتبادلون الاتهامات وسيء الكلام قالت له انا لا أريدك طلقني ودعني أعود لبيت اهلي في لحظه غضب عارم وإنفعال قال لها انت طالق.
أصبح ابو احمد حديثا لمجتمع مرة اخرى وأصبح مضعه في الأفواه وحديثا لكل من هب ودب وحديث الناس عنه وعن طلاق زوجته وأصبح يرى اللوم في عيني أولاده وبناته وشعر بالهجر والجفاء من اقرب الناس إليه تأزمت حاله ابو احمد الصحيحه والنفسيه وعاد لعزله والعزوف عن المجتمع والناس نظرا لما مر به من الضغوط النفسيه المريره.
ازدادت حالته سوا قرر الأطباء بعد زيارته لهم انه مصاب بداء السكري والضغط معا وقرر الطبيب النفسي الذي راجعه مؤخرا بانه مصابا بنوبه وحاله من حالات الاكتئاب الحاد ولابد من أخد الادوية في مواعيدها فابو احمد الرجل الانيق طيب القلب رقيق الطبع مرهف الحس عذب المشاعر لم يتحمل كل هذه الضغوط فأصبح لايهمه الان إلا عوده زوجته لمنزلها ومراجعاته الصحيحه واخذ أدويته في مواعيدها.
للأسف لايزال هناك محبطين يقتلون الحب وكل ماهو جميل في حياة الإنسان محبطين الأمل والتفاؤل والحب وجمال الحياة ونسو أن الله جميلا يحب الجمال وللأسف أيضا انه لايزال هناك مجتمعات متخلفة عقيمة تعيش حاله من التجمد الفكري والعقلي والثقافي تن تحت وطاه عادات وتقاليد العصور السحيقه.
فاصلة أخيره:
الانتقاد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الانسان دون أن يدمر جذوره
فرانك كلارك
التعليقات 1
1 pings
محمد بن عمر الصمي
20/04/2023 في 4:23 ص[3] رابط التعليق
بالتوفيق ابا محمد وقصة ابا احمد قصة ادبيه هادفة تدل على ثقافة الكاتب واطلاعه على المراجع الأدبية وبالتوفيق